لا ريب أن محاولة أهل الكنيسة من ثني الرد على دعوة المثقف ميشيل كيلو في دعوة المسيحية للعقل أخرتني عدة أيام عن كتابة هذه الأسطر.
لكن حرصي على حق السوريين في سعة الرؤية, وسلامة المعيار في الحكم أبت أن تمنعني من واجبي في تنبيه أبناء قومي من حيل أوهام النخب المثقفة وطغمتهم ,
الذين قرروا الانخراط بقوة في الصراع على السلطة بعد أن ضاقوا إفلاساً ويأساً من القدرة على بناء المجتمعات المدنية .
فقررت هذه النخبة الانتقال من القضايا الإنسانية الكبرى ذات الأرباح الشخصية المجانية إلى قضايا المصلحة الشخصية الصغرى ولكن لربح السلطة الكبرى,
ليتجلى هذا الانقلاب على القيم والمعايير, وتزوير الوقائع, وتشويه التسميات والمصطلحات,
فتباع الأقلام للمطامح والمطامع في السلطة والشهرة بدلاً من منحها للحقيقة, ممارسين الدعارة الفكرية مسمين إياها "ثقافة", والإرهاب "حرية", والعبودية "انتماءً",
والتكالب على السلطة " ثورة", والإصلاح بما يحمي الهوية والوجود "خيانة" والكثير مما شابه .....
لا أستطيع أن أفهم كل هذه التمويهات والتشويهات المعرفية إلا وفق احتمالين من التفسير
إما الجهل وهو مستبعد عن مثقف بسمعة مشيل كيلو أو الكيدية وتصفية الحسابات المحملة بطموحات السلطة الموعودة.
فكاتبنا ما برح يتأرجح يغير تموضعه من معارض علماني ديمقراطي إصلاحي يضع سوريا أولاً- بغض النظر عن هوية وانتماءات السلطة فيها متخذاً من الأداء وخير الوطن معياراً -
إلى طرف رئيسي يتهافت إلى مكان في السلطة المرتقبة على حساب الوطن منتقلاً من منطق التعددية إلى ترهيبنا بسطوة العددية والتي أدعوه لقياسها من جديد.
فبدأ كيلو إجهاض مسيرة التغيير والإصلاح الحقيقي عندما نأى بنفسه عن طاولة الحوار الوطني
والذي لم ولن يكن لسوريا مخرجٍ سواه فإما أن ندخل إليه حالاً وإما أن ندخل إليه ونحن ملطخين بدم آلاف الشهداء.
وأخطر ما في انقلابات أحوال كاتبنا هو انقلابه على قيمه في الحرية , ومشروعه في العلمانية المواطنية, الذي طالما احترمناه من خلالهما،
ذاهباً باتجاه تخوين معظم السوريين المسيحيين، واتهامهم بالسلبية والرقص على جثث الشهداء،
رغم أن للمسيحيين حصتهم منهم مغفلاً أن أغلب الراقصين في حينا هم من أخوتنا المسلمين -
إلا إذا كان للكاتب شرعية منح الإسلام للبعض وحجبه عن آخرين-
وأقول له أنا شخصياً و نحن ككنيسة لسنا مع الاستثمارات الشعبية لرجال الأعمال كالسيد قبنض
وسواه ولكننا نفهم مشاعر هؤلاء الفتية الذين يريدون أن يقولوا للموت ولمحاولة شل البلاد "لا" نحن مستمرين في الحياة.
فصاحب الدعوة المحترم لم يكتف في انعطافاته من دعوتنا بالجهلة والخونة وشركاء الاستبداد مطوراً أدبياته لينعتنا "بلاعقي الأقفية"،
بل ذهب أبعد من ذلك ليدعونا لتيسير حراك التاريخ المتصاعد مبشراً بسماحة الإسلام السياسي، مانح الحريات الذمية،
و واهب الكرامات الاستذلالية، كافينا شرفاً حق الوجود الزاحف على مثال أقباط مصر وكلدان وسريان العراق ومسيحيي غزة والقدس
ناهيك عن التآكل المستمر لرقعة الفعالية المسيحية في لبنان والتي بدأت مع الطائف و لم تنتهي بعد .
وأكمل المسير بتزوير التاريخ رافعاً دافعية المسيحيين نحو استحسان الذمية الذليلة في حاضنتنا الإسلامية، بدلاً من حريتنا
و حريتهم الكريمة في حاضنتنا الوطنية متهماً المجتمع المسيحي برهاب مرضي من الإسلام السياسي
مسقطاً من ذاكرته المعرفية المجازر التي ألقت بظلالها على التاريخ والديموغرافيا ،
بدءاً من مذابح دمشق عام 1860 والتي من أهم أسبابها "مرسوم همايوني "
الذي أصدرته الدولة العثمانية تحت ضغط الغرب لمنح الأقليات بعضاً من حقوقهم الاجتماعية والإدارية "كالتوظف في الدولة".
فتحركت الأحقاد وصدرت الفتاوى ليقتل ويهجر ما يزيد عن 15% من سكان دمشق والتي كانت ستطال بنارها كل المدن السورية الداخلية
لتتبعها مجازر الأرمن والسريان ومذابح الكلدان والأشور في شمال العراق وصولاً إلى ما بعد صدام وأقباط اليوم ناهيك عما جرى لمسيحيي السودان
لما رفضوا الخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية, وهنا يخرج لدينا قائل ذمّي ليقول إنها يد الغرب والصهيونية ,
نقول له نعم ولكن ما كان ليكون هذا التدخل الخارجي لولا الطائفية القابعة في النفوس .
أرجو ألا يفهم ذكري لهذه الحوادث أنها من باب الإزكاء لغرائز التعصب الطائفي ولكني أؤمن أنه ما من مصالحة حقيقية –ادعى الكاتب أنها من أهداف دعوته-
بدون مصارحة وفهم عميق للعناصر المكونة لهذه الأحداث.
وهنا أتساءل مع القارئ ما الذي تغيير في المناخ والأرضية الاجتماعية والثقافية والسياسية وبالأخص الدينية عند شعوبنا
حتى نستبعد هذا الهلع الغير مبرر على ما ورد عند الكاتب.
أليس الدين هو المحايث الأعمق للمجتمع العربي ببنيته الإثنية والعشائرية والديموغرافية وبالتالي
هو المعاير الأساسي والدافع المباشر لاستحواذ السلطة والصراع الدموي عليها ورسم تراتبية الأخرين منها.
أليس هذا هو الحال على المستوى الإسلامي- الإسلامي ,ألم ينتج معيار (الإسلام الصحيح) من سواه أقليات إسلامية مشغولة منذ وجودها في التاريخ
في إقناع الآخرين بصحة إسلامهم فكيف الحال بغير المسلمين من النصارى مثلاً،
أليست هذه المعايير من حدت بإمام مكة الى تكفير العلويين و الدروز و الإسماعيلية و استباحة دماءهم و أعراضهم وأموالهم،
أليست الذهنية ذاتها مما يزيد على ثمانية قرونٍ مضت دعت شيخ الإسلام ابن تيمية لتجريد حملة مملوكية على جبال كسروان في لبنان
للقضاء على الكفرة و الزنادقة من الشيعة و العلويين و الدروز أو يتوبوا و يعودوا للاسلام الصحيح،
أليس هذا ما تجسّد على ساحة الأزمة السورية فيما شهدنا من شعاراتٍ و بما وقع من أحداث،
ألم يكن ذاك الوعي الشقي الموصوم بمنطق الغلبة، مستلباً الحاضر للماضي ليؤمن استمراره في المستقبل
هو الحاكم فيما شهدناه من فعلٍ و رد فعل في الذبح على الهوية في حمص و بانياس الم ترجعنا الفتاوى التي سمعناها
في استباحة الأعراض لسبي ما يزيد عن ألفي دمشقية مسيحية كريمة أثناء مجازر دمشق.
كل ما أوردته يا حضرة المثقف لأقول لك أننا أمام الأرضيات و الذهنيات الشقية ذاتها ألتي تنهل من الدوافع و الغرائز عينها
رغم تقدم الزمن و تغير الأدوات و الأداء.
نعم لكل هذا هناك هلع ورفض و هنا أتوجه بالسؤال إليك،
ما الذي قدمته أنت وسواك من الثوار لتطمئنوا هذه الشرائح التكوينية من الشعب السوري ....
ما هي البرامج التي قدمتوها لنا احتراماً للعقل الذي تدعون إليه !!! و ماهي رؤيتكم؟
والأخطر من هذا كله من أنتم؟؟
لماذا تستسهلون قصر الكرملن والبيت الأبيض و تجوبون العالم لتسويق أنفسكم وأنا السوري لم أسمع عنكم وعن انتماءاتكم إلا من مبعوث روسي أو أميركي ,
هل يستحي شركاءك من الاخوان المسلمين أن يكشفوا لنا عن هويتهم وتاريخهم السياسي المجيد.
في ضوء كل هذا من منا أهان العقل وأبعده عن الحضور,
أم أن منطقك القائم على ميزان الربح والخسارة كما ذكرت في مقالك هو من حدا بك للقفز إلى الضفة الأخرى بعد إفلاسك في الشارع العلماني والوسط المسيحي
الذي يؤمن بالدولة العلمانية التي لا نقحم فيها الله بما لقيصر ولا نعطي فيها قيصر سلطة الله.
ألم يكن من الأجدر بمثلك أن يعمل العقل في الشريحة المستهدفة بالخطاب العلماني لتتوجه لإقناع أبناء الدين السياسي من المسلمين وسواهم أن العدل أساس الملك،
وأن لا دولة ولا وطن بدون المساواة بينهم وبين إخوتهم من الأقليات الإسلامية والمسيحية,
فاخترت تبني المدنية الإسلامية بحسب وثيقة الأزهر ليبق كل أبناء الأقليات تحت وطأة لعنة التاريخ، يدفعون جزيتهم من حقوقهم السيادية فلم نسمع صوتك
أو أحد شركائك في السعي لتعديل المادة الثالثة التي تحدد دين رئيس الدولة ومصادر التشريع والتي لا تقل سوءاً وأذى عن المادة الثامنة لسلامة الحالة الوطنية.
أما نحن أعوان الاستبداد كما أسميتنا وأنا شخصياً منهم قمت بالمطالبة العلنية وعلى وسائل الإعلام السورية وأنا أكررها في مقالتي المنشورة
بتحميل النظام مسؤولية الضبابية في الأحداث و عدم الشفافية الإعلامية وبتحرير الدولة من وطأة حزب البعث ونأيه عن السلطة
طالباً التعددية الحزبية والحرية الإعلامية واستقلال القضاء والأهم فك القبضة الأمنية عن مفاصل الدولة والمجتمع ومكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين
وميزت ما بين إصلاحيين في السلطة وسلطويين نفعيين و ما بين إصلاحيين في المعارضة وانقلابيين سلطويين تحركهم الأحقاد والطائفية.
أما بما يخص سواي من الإكليروس من يستطيع حجب الرؤية عن نضالات الأب الياس زحلاوي على مدى سنين خدمته في سبيل الوحدة الوطنية
ورسائله الدفاعية عن المسلمين قبل المسيحيين بروحه الدمشقية وما قولك بالموقف البطولي للمطران لوقا الخوري الذي طرد السفير الأميركي والفرنسي
الذين ينبطح أمام طاغوتهما رؤساء الدول .
ولعل انشغالك بميزان الربح والخسارة لم يسمح لك بقراءة بياناتنا المستنكرة لدعوة حرق القرآن الكريم ناهيك عن بطولة المطران كبوجي مطران القدس في المنفى
و هو يواجه الصهاينة على ظهر السفينة مرمرة,
وأعتقد أن مشاغلك لم تسمح لك بقراءة مقالاتنا ووثائقنا الكنسية عن العلمانية الإيجابية التي تخليت أنت عنها.
نحن لم نقف مع النظام فنحن كنا ومازلنا وسنبقى ، من المعارضين لما كان والإصلاحيين لما سيأتي لأننا نقف مع سوريا وموقعنا من الآخرين يحدده موقعهم من سوريا،
التي كانت وستبقى حاضنة الجميع بما فيها الحاضنة العربية الإسلامية,
فاعلين في حراكنا ثابتين في توجهنا نحو سوريا علمانية ديمقراطية سيدة مستقلة أمينة لقوميتها.
لذا لا تزايد على أحد و توقف عن الدفع نحو المجهول فمخجل لمثقف مثلك أن يقبل دور حصان طروادة دافعاً السوريين ليكونوا كاحل أخيل لأعدائهم.الأب طوني دورةدمشق - سوريا
الاب طوني دوره.. دمشق
لكن حرصي على حق السوريين في سعة الرؤية, وسلامة المعيار في الحكم أبت أن تمنعني من واجبي في تنبيه أبناء قومي من حيل أوهام النخب المثقفة وطغمتهم ,
الذين قرروا الانخراط بقوة في الصراع على السلطة بعد أن ضاقوا إفلاساً ويأساً من القدرة على بناء المجتمعات المدنية .
فقررت هذه النخبة الانتقال من القضايا الإنسانية الكبرى ذات الأرباح الشخصية المجانية إلى قضايا المصلحة الشخصية الصغرى ولكن لربح السلطة الكبرى,
ليتجلى هذا الانقلاب على القيم والمعايير, وتزوير الوقائع, وتشويه التسميات والمصطلحات,
فتباع الأقلام للمطامح والمطامع في السلطة والشهرة بدلاً من منحها للحقيقة, ممارسين الدعارة الفكرية مسمين إياها "ثقافة", والإرهاب "حرية", والعبودية "انتماءً",
والتكالب على السلطة " ثورة", والإصلاح بما يحمي الهوية والوجود "خيانة" والكثير مما شابه .....
لا أستطيع أن أفهم كل هذه التمويهات والتشويهات المعرفية إلا وفق احتمالين من التفسير
إما الجهل وهو مستبعد عن مثقف بسمعة مشيل كيلو أو الكيدية وتصفية الحسابات المحملة بطموحات السلطة الموعودة.
فكاتبنا ما برح يتأرجح يغير تموضعه من معارض علماني ديمقراطي إصلاحي يضع سوريا أولاً- بغض النظر عن هوية وانتماءات السلطة فيها متخذاً من الأداء وخير الوطن معياراً -
إلى طرف رئيسي يتهافت إلى مكان في السلطة المرتقبة على حساب الوطن منتقلاً من منطق التعددية إلى ترهيبنا بسطوة العددية والتي أدعوه لقياسها من جديد.
فبدأ كيلو إجهاض مسيرة التغيير والإصلاح الحقيقي عندما نأى بنفسه عن طاولة الحوار الوطني
والذي لم ولن يكن لسوريا مخرجٍ سواه فإما أن ندخل إليه حالاً وإما أن ندخل إليه ونحن ملطخين بدم آلاف الشهداء.
وأخطر ما في انقلابات أحوال كاتبنا هو انقلابه على قيمه في الحرية , ومشروعه في العلمانية المواطنية, الذي طالما احترمناه من خلالهما،
ذاهباً باتجاه تخوين معظم السوريين المسيحيين، واتهامهم بالسلبية والرقص على جثث الشهداء،
رغم أن للمسيحيين حصتهم منهم مغفلاً أن أغلب الراقصين في حينا هم من أخوتنا المسلمين -
إلا إذا كان للكاتب شرعية منح الإسلام للبعض وحجبه عن آخرين-
وأقول له أنا شخصياً و نحن ككنيسة لسنا مع الاستثمارات الشعبية لرجال الأعمال كالسيد قبنض
وسواه ولكننا نفهم مشاعر هؤلاء الفتية الذين يريدون أن يقولوا للموت ولمحاولة شل البلاد "لا" نحن مستمرين في الحياة.
فصاحب الدعوة المحترم لم يكتف في انعطافاته من دعوتنا بالجهلة والخونة وشركاء الاستبداد مطوراً أدبياته لينعتنا "بلاعقي الأقفية"،
بل ذهب أبعد من ذلك ليدعونا لتيسير حراك التاريخ المتصاعد مبشراً بسماحة الإسلام السياسي، مانح الحريات الذمية،
و واهب الكرامات الاستذلالية، كافينا شرفاً حق الوجود الزاحف على مثال أقباط مصر وكلدان وسريان العراق ومسيحيي غزة والقدس
ناهيك عن التآكل المستمر لرقعة الفعالية المسيحية في لبنان والتي بدأت مع الطائف و لم تنتهي بعد .
وأكمل المسير بتزوير التاريخ رافعاً دافعية المسيحيين نحو استحسان الذمية الذليلة في حاضنتنا الإسلامية، بدلاً من حريتنا
و حريتهم الكريمة في حاضنتنا الوطنية متهماً المجتمع المسيحي برهاب مرضي من الإسلام السياسي
مسقطاً من ذاكرته المعرفية المجازر التي ألقت بظلالها على التاريخ والديموغرافيا ،
بدءاً من مذابح دمشق عام 1860 والتي من أهم أسبابها "مرسوم همايوني "
الذي أصدرته الدولة العثمانية تحت ضغط الغرب لمنح الأقليات بعضاً من حقوقهم الاجتماعية والإدارية "كالتوظف في الدولة".
فتحركت الأحقاد وصدرت الفتاوى ليقتل ويهجر ما يزيد عن 15% من سكان دمشق والتي كانت ستطال بنارها كل المدن السورية الداخلية
لتتبعها مجازر الأرمن والسريان ومذابح الكلدان والأشور في شمال العراق وصولاً إلى ما بعد صدام وأقباط اليوم ناهيك عما جرى لمسيحيي السودان
لما رفضوا الخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية, وهنا يخرج لدينا قائل ذمّي ليقول إنها يد الغرب والصهيونية ,
نقول له نعم ولكن ما كان ليكون هذا التدخل الخارجي لولا الطائفية القابعة في النفوس .
أرجو ألا يفهم ذكري لهذه الحوادث أنها من باب الإزكاء لغرائز التعصب الطائفي ولكني أؤمن أنه ما من مصالحة حقيقية –ادعى الكاتب أنها من أهداف دعوته-
بدون مصارحة وفهم عميق للعناصر المكونة لهذه الأحداث.
وهنا أتساءل مع القارئ ما الذي تغيير في المناخ والأرضية الاجتماعية والثقافية والسياسية وبالأخص الدينية عند شعوبنا
حتى نستبعد هذا الهلع الغير مبرر على ما ورد عند الكاتب.
أليس الدين هو المحايث الأعمق للمجتمع العربي ببنيته الإثنية والعشائرية والديموغرافية وبالتالي
هو المعاير الأساسي والدافع المباشر لاستحواذ السلطة والصراع الدموي عليها ورسم تراتبية الأخرين منها.
أليس هذا هو الحال على المستوى الإسلامي- الإسلامي ,ألم ينتج معيار (الإسلام الصحيح) من سواه أقليات إسلامية مشغولة منذ وجودها في التاريخ
في إقناع الآخرين بصحة إسلامهم فكيف الحال بغير المسلمين من النصارى مثلاً،
أليست هذه المعايير من حدت بإمام مكة الى تكفير العلويين و الدروز و الإسماعيلية و استباحة دماءهم و أعراضهم وأموالهم،
أليست الذهنية ذاتها مما يزيد على ثمانية قرونٍ مضت دعت شيخ الإسلام ابن تيمية لتجريد حملة مملوكية على جبال كسروان في لبنان
للقضاء على الكفرة و الزنادقة من الشيعة و العلويين و الدروز أو يتوبوا و يعودوا للاسلام الصحيح،
أليس هذا ما تجسّد على ساحة الأزمة السورية فيما شهدنا من شعاراتٍ و بما وقع من أحداث،
ألم يكن ذاك الوعي الشقي الموصوم بمنطق الغلبة، مستلباً الحاضر للماضي ليؤمن استمراره في المستقبل
هو الحاكم فيما شهدناه من فعلٍ و رد فعل في الذبح على الهوية في حمص و بانياس الم ترجعنا الفتاوى التي سمعناها
في استباحة الأعراض لسبي ما يزيد عن ألفي دمشقية مسيحية كريمة أثناء مجازر دمشق.
كل ما أوردته يا حضرة المثقف لأقول لك أننا أمام الأرضيات و الذهنيات الشقية ذاتها ألتي تنهل من الدوافع و الغرائز عينها
رغم تقدم الزمن و تغير الأدوات و الأداء.
نعم لكل هذا هناك هلع ورفض و هنا أتوجه بالسؤال إليك،
ما الذي قدمته أنت وسواك من الثوار لتطمئنوا هذه الشرائح التكوينية من الشعب السوري ....
ما هي البرامج التي قدمتوها لنا احتراماً للعقل الذي تدعون إليه !!! و ماهي رؤيتكم؟
والأخطر من هذا كله من أنتم؟؟
لماذا تستسهلون قصر الكرملن والبيت الأبيض و تجوبون العالم لتسويق أنفسكم وأنا السوري لم أسمع عنكم وعن انتماءاتكم إلا من مبعوث روسي أو أميركي ,
هل يستحي شركاءك من الاخوان المسلمين أن يكشفوا لنا عن هويتهم وتاريخهم السياسي المجيد.
في ضوء كل هذا من منا أهان العقل وأبعده عن الحضور,
أم أن منطقك القائم على ميزان الربح والخسارة كما ذكرت في مقالك هو من حدا بك للقفز إلى الضفة الأخرى بعد إفلاسك في الشارع العلماني والوسط المسيحي
الذي يؤمن بالدولة العلمانية التي لا نقحم فيها الله بما لقيصر ولا نعطي فيها قيصر سلطة الله.
ألم يكن من الأجدر بمثلك أن يعمل العقل في الشريحة المستهدفة بالخطاب العلماني لتتوجه لإقناع أبناء الدين السياسي من المسلمين وسواهم أن العدل أساس الملك،
وأن لا دولة ولا وطن بدون المساواة بينهم وبين إخوتهم من الأقليات الإسلامية والمسيحية,
فاخترت تبني المدنية الإسلامية بحسب وثيقة الأزهر ليبق كل أبناء الأقليات تحت وطأة لعنة التاريخ، يدفعون جزيتهم من حقوقهم السيادية فلم نسمع صوتك
أو أحد شركائك في السعي لتعديل المادة الثالثة التي تحدد دين رئيس الدولة ومصادر التشريع والتي لا تقل سوءاً وأذى عن المادة الثامنة لسلامة الحالة الوطنية.
أما نحن أعوان الاستبداد كما أسميتنا وأنا شخصياً منهم قمت بالمطالبة العلنية وعلى وسائل الإعلام السورية وأنا أكررها في مقالتي المنشورة
بتحميل النظام مسؤولية الضبابية في الأحداث و عدم الشفافية الإعلامية وبتحرير الدولة من وطأة حزب البعث ونأيه عن السلطة
طالباً التعددية الحزبية والحرية الإعلامية واستقلال القضاء والأهم فك القبضة الأمنية عن مفاصل الدولة والمجتمع ومكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين
وميزت ما بين إصلاحيين في السلطة وسلطويين نفعيين و ما بين إصلاحيين في المعارضة وانقلابيين سلطويين تحركهم الأحقاد والطائفية.
أما بما يخص سواي من الإكليروس من يستطيع حجب الرؤية عن نضالات الأب الياس زحلاوي على مدى سنين خدمته في سبيل الوحدة الوطنية
ورسائله الدفاعية عن المسلمين قبل المسيحيين بروحه الدمشقية وما قولك بالموقف البطولي للمطران لوقا الخوري الذي طرد السفير الأميركي والفرنسي
الذين ينبطح أمام طاغوتهما رؤساء الدول .
ولعل انشغالك بميزان الربح والخسارة لم يسمح لك بقراءة بياناتنا المستنكرة لدعوة حرق القرآن الكريم ناهيك عن بطولة المطران كبوجي مطران القدس في المنفى
و هو يواجه الصهاينة على ظهر السفينة مرمرة,
وأعتقد أن مشاغلك لم تسمح لك بقراءة مقالاتنا ووثائقنا الكنسية عن العلمانية الإيجابية التي تخليت أنت عنها.
نحن لم نقف مع النظام فنحن كنا ومازلنا وسنبقى ، من المعارضين لما كان والإصلاحيين لما سيأتي لأننا نقف مع سوريا وموقعنا من الآخرين يحدده موقعهم من سوريا،
التي كانت وستبقى حاضنة الجميع بما فيها الحاضنة العربية الإسلامية,
فاعلين في حراكنا ثابتين في توجهنا نحو سوريا علمانية ديمقراطية سيدة مستقلة أمينة لقوميتها.
لذا لا تزايد على أحد و توقف عن الدفع نحو المجهول فمخجل لمثقف مثلك أن يقبل دور حصان طروادة دافعاً السوريين ليكونوا كاحل أخيل لأعدائهم.الأب طوني دورةدمشق - سوريا
الاب طوني دوره.. دمشق
Comment