مع دخول الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بنفسه الى حلبة المواجهة مع سوريا، في أعقاب موقف مجلس التعاون الخليجي، وبعد اللغة الحازمة التي استخدمها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام، في موازاة النبرة الأميركية والغربية الحادة، تكون اللعبة قد انتقلت من تحت الطاولة الى فوقها، وبالتالي تكون أوراق اللاعبين قد أصبحت مكشوفة كليا.
تقول صحيفة السفير: إذا كان حلفاء الرياض في بيروت يعتبرون أن الرسالة الملكية للرئيس بشار الأسد «قد تأخرت، إذا يعتبرون أن قيادة المملكة صبرت وبالغت في إعطاء الوقت والفرصة تلو الأخرى فيما الاضطرابات إلى مزيد من التصاعد"، فان حلفاء دمشق ينظرون الى الموقف السعودي من زاوية مخالفة تماما وهم يرون فيه تعبيرا «عن سقوط الأقنعة وانكشاف حقيقة الهجمة التي تتعرض لها سوريا، بحيث اضطر «الابطال الحقيقيون» الى تصدر واجهة المسرح بعدما فشل الـ«كومبارس» في تأدية الدور المناط بهم لإسقاط نظام الأسد من الداخل».
تضيف الصحيفة: برغم أن بيان الملك عبد الله ليس طويلا، إلا أنه تضمن بعض المفارقات التي تستحق التوقف عندها، ومنها دعوته القيادة السورية إلى تفعيل «إصلاحات شاملة وسريعة»، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان الملك هو الشخص المناسب لتوجيه مثل هذه النصيحة الى دمشق، فيما المرأة السعودية ما تزال تناضل من أجل السماح لها بقيادة سيارة ليس إلا!
والملاحظة الثانية أن الملك السعودي وضع سوريا أمام خيارين لا ثالث لهما، الحكمة أو الفوضى، ما أوحى للبعض في بيروت بأنه اقتبس من الأميركيين «معادلة ريتشارد مورفي» الشهيرة والتي يعرفها اللبنانيون جيدا: «مخايل الضاهر أو الفوضى».
وأبعد من هذه المفارقات تقول الصحيفة، يعتبر حلفاء سوريا أن الموقف السعودي جاء تتويجا لحالة من الإحباط أصابت «التحالف الإقليمي والدولي» الذي كان يتوقع أن تشهد بدايات شهر رمضان تصاعدا نوعيا في حركة الاحتجاج على الأرض، بما يؤدي إلى تضييق الخناق على الرئيس الأسد تمهيدا لإزاحته ، لا بل أن البعض في بيروت وعواصم أخرى راح يضرب مواعيد لسقوط النظام، ولكن ما حصل أن النظام هو الذي استكمل في الأسبوع الأول من هذا الشهر عملية استعادة المبادرة وملاحقة المجموعات المسلحة، وخصوصا في مدينة حماه التي كان يُنظر إليها باعتبارها إحدى أبرز نقاط الإرتكاز لـ«الثورة» المفترضة.
وترى شخصية لبنانية وثيقة الصلة بالقيادة السورية أن عدم تطابق وقائع الداخل السوري مع تمنيات الخارج دفعت الملك عبد الله ودول الخليج إلى التدخل المباشر لزيادة جرعات الضغط السياسي والإعلامي على الرئيس الأسد، بغية التعويض عن الإخفاقات الحاصلة على الأرض، في إطار توزيع منظم للأدوار بين من يتبرع بالمال ويقدم الإعلام ويوزع السلاح وصولا إلى تأمين المرجعية العربية والإسلامية «الحاضنة» للجماعات المعادية للنظام، كما فعل الملك السعودي ومن ثم باقي دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وتشير هذه الشخصية إلى أن ما أعلنه الملك عبد الله معطوفا على المواقف الخليجية والتركية والأميركية والأوروبية هو بديل سياسي عن حرب عسكرية غير ممكنة حاليا ضد سوريا، لافتة الانتباه إلى أن الهدف مما يجري ليس رأس سوريا فقط بل إضعاف «حماس» و«حزب الله» وإيران، بما يشكله هذا الثلاثي مع دمشق من خطر على المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة.
وإذ تشدد الشخصية المذكورة للصحيفة على أن ما فعله خطاب الملك هو أنه أماط اللثام عن حقيقة النيات المضمرة والمزمنة حيال دمشق، من دون قفازات أو مساحيق، تلفت الانتباه إلى أن الموقف السعودي المعلن لا يعكس فقط فشل الرهان على «أحصنة طروادة» لقلب الأوضاع داخل سوريا، بل يندرج أيضا في سياق «مفعول رجعي» يتصل بتصفية «حساب لبناني» معلّق مع الأسد، بعد انهيار معادلة «س. س.» وإقصاء سعد الحريري عن رئاسة الحكومة، مع ما ترتب على ذلك من إضعاف للنفوذ السعودي في لبنان.
وتؤكد الشخصية المقربة من دائرة القرار في دمشق أن سوريا نجحت في احتواء «البؤر» التي كانت تستخدم كقواعد تموضع وانطلاق للجماعات المسلحة، ما يدفع الى توقع المزيد من الضغوط الإقليمية والدولية سعيا الى حماية المعادين للنظام ورفع منسوب الضغط عليه.
ولكن الشخصية نفسها تدعو إلى التأمل جيدا في دلالات الرد الحازم للمستشارة في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان على كلام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وما يحمله هذا الرد من إشارات واضحة الى إحساس القيادة السورية بالثقة في تجاوز مرحلة الخطر.
وتروي الشخصية اللبنانية أنه سبق لها أن قالت للرئيس الأسد في أحد اللقاءات بينهما خلال مرحلة الانفتاح الخارجي على سوريا- بعد الحصار الذي أعقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري- أنه سيأتي يوم يشتاق فيه مجددا إلى أيام العزلة، لأن زمن الأزمات يتيح فرز الاتجاهات الداخلية على حقيقتها، وبالتالي الكشف عن الثغرات والخروقات الكامنة، بما يتيح إقفالها ومعالجتها، وصولا الى تحصين الساحة السورية وتفعيل قدرتها على مقاومة الخيارات المضادة والاستهدافات الخارجية، ولو حصل ذلك في أعقاب مخاض عسير وموجع.
لكن أكثر ما يقلق هذه الشخصية أن يتلقف فريق 14آذار، وفي طليعته تيار المستقبل، خطاب الملك عبدالله باعتباره «أمر عمليات»، الأمر الذي قد يُترجم تصاعدا لحملة المعارضة على سوريا انطلاقا من لبنان، وبأشكال مختلفة، منبهة إلى أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تفاقم التوتر الداخلي وزج البلد في تداعيات مشكلة جارته بدلا من أن ينأى بنفسه عنها.
منقول من موقع شوكوماكو
تقول صحيفة السفير: إذا كان حلفاء الرياض في بيروت يعتبرون أن الرسالة الملكية للرئيس بشار الأسد «قد تأخرت، إذا يعتبرون أن قيادة المملكة صبرت وبالغت في إعطاء الوقت والفرصة تلو الأخرى فيما الاضطرابات إلى مزيد من التصاعد"، فان حلفاء دمشق ينظرون الى الموقف السعودي من زاوية مخالفة تماما وهم يرون فيه تعبيرا «عن سقوط الأقنعة وانكشاف حقيقة الهجمة التي تتعرض لها سوريا، بحيث اضطر «الابطال الحقيقيون» الى تصدر واجهة المسرح بعدما فشل الـ«كومبارس» في تأدية الدور المناط بهم لإسقاط نظام الأسد من الداخل».
تضيف الصحيفة: برغم أن بيان الملك عبد الله ليس طويلا، إلا أنه تضمن بعض المفارقات التي تستحق التوقف عندها، ومنها دعوته القيادة السورية إلى تفعيل «إصلاحات شاملة وسريعة»، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان الملك هو الشخص المناسب لتوجيه مثل هذه النصيحة الى دمشق، فيما المرأة السعودية ما تزال تناضل من أجل السماح لها بقيادة سيارة ليس إلا!
والملاحظة الثانية أن الملك السعودي وضع سوريا أمام خيارين لا ثالث لهما، الحكمة أو الفوضى، ما أوحى للبعض في بيروت بأنه اقتبس من الأميركيين «معادلة ريتشارد مورفي» الشهيرة والتي يعرفها اللبنانيون جيدا: «مخايل الضاهر أو الفوضى».
وأبعد من هذه المفارقات تقول الصحيفة، يعتبر حلفاء سوريا أن الموقف السعودي جاء تتويجا لحالة من الإحباط أصابت «التحالف الإقليمي والدولي» الذي كان يتوقع أن تشهد بدايات شهر رمضان تصاعدا نوعيا في حركة الاحتجاج على الأرض، بما يؤدي إلى تضييق الخناق على الرئيس الأسد تمهيدا لإزاحته ، لا بل أن البعض في بيروت وعواصم أخرى راح يضرب مواعيد لسقوط النظام، ولكن ما حصل أن النظام هو الذي استكمل في الأسبوع الأول من هذا الشهر عملية استعادة المبادرة وملاحقة المجموعات المسلحة، وخصوصا في مدينة حماه التي كان يُنظر إليها باعتبارها إحدى أبرز نقاط الإرتكاز لـ«الثورة» المفترضة.
وترى شخصية لبنانية وثيقة الصلة بالقيادة السورية أن عدم تطابق وقائع الداخل السوري مع تمنيات الخارج دفعت الملك عبد الله ودول الخليج إلى التدخل المباشر لزيادة جرعات الضغط السياسي والإعلامي على الرئيس الأسد، بغية التعويض عن الإخفاقات الحاصلة على الأرض، في إطار توزيع منظم للأدوار بين من يتبرع بالمال ويقدم الإعلام ويوزع السلاح وصولا إلى تأمين المرجعية العربية والإسلامية «الحاضنة» للجماعات المعادية للنظام، كما فعل الملك السعودي ومن ثم باقي دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وتشير هذه الشخصية إلى أن ما أعلنه الملك عبد الله معطوفا على المواقف الخليجية والتركية والأميركية والأوروبية هو بديل سياسي عن حرب عسكرية غير ممكنة حاليا ضد سوريا، لافتة الانتباه إلى أن الهدف مما يجري ليس رأس سوريا فقط بل إضعاف «حماس» و«حزب الله» وإيران، بما يشكله هذا الثلاثي مع دمشق من خطر على المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة.
وإذ تشدد الشخصية المذكورة للصحيفة على أن ما فعله خطاب الملك هو أنه أماط اللثام عن حقيقة النيات المضمرة والمزمنة حيال دمشق، من دون قفازات أو مساحيق، تلفت الانتباه إلى أن الموقف السعودي المعلن لا يعكس فقط فشل الرهان على «أحصنة طروادة» لقلب الأوضاع داخل سوريا، بل يندرج أيضا في سياق «مفعول رجعي» يتصل بتصفية «حساب لبناني» معلّق مع الأسد، بعد انهيار معادلة «س. س.» وإقصاء سعد الحريري عن رئاسة الحكومة، مع ما ترتب على ذلك من إضعاف للنفوذ السعودي في لبنان.
وتؤكد الشخصية المقربة من دائرة القرار في دمشق أن سوريا نجحت في احتواء «البؤر» التي كانت تستخدم كقواعد تموضع وانطلاق للجماعات المسلحة، ما يدفع الى توقع المزيد من الضغوط الإقليمية والدولية سعيا الى حماية المعادين للنظام ورفع منسوب الضغط عليه.
ولكن الشخصية نفسها تدعو إلى التأمل جيدا في دلالات الرد الحازم للمستشارة في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان على كلام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وما يحمله هذا الرد من إشارات واضحة الى إحساس القيادة السورية بالثقة في تجاوز مرحلة الخطر.
وتروي الشخصية اللبنانية أنه سبق لها أن قالت للرئيس الأسد في أحد اللقاءات بينهما خلال مرحلة الانفتاح الخارجي على سوريا- بعد الحصار الذي أعقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري- أنه سيأتي يوم يشتاق فيه مجددا إلى أيام العزلة، لأن زمن الأزمات يتيح فرز الاتجاهات الداخلية على حقيقتها، وبالتالي الكشف عن الثغرات والخروقات الكامنة، بما يتيح إقفالها ومعالجتها، وصولا الى تحصين الساحة السورية وتفعيل قدرتها على مقاومة الخيارات المضادة والاستهدافات الخارجية، ولو حصل ذلك في أعقاب مخاض عسير وموجع.
لكن أكثر ما يقلق هذه الشخصية أن يتلقف فريق 14آذار، وفي طليعته تيار المستقبل، خطاب الملك عبدالله باعتباره «أمر عمليات»، الأمر الذي قد يُترجم تصاعدا لحملة المعارضة على سوريا انطلاقا من لبنان، وبأشكال مختلفة، منبهة إلى أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تفاقم التوتر الداخلي وزج البلد في تداعيات مشكلة جارته بدلا من أن ينأى بنفسه عنها.
منقول من موقع شوكوماكو
Comment