هذه بعض مواقف النائب البطريركي العام لمطرانية الروم الأرثوذكس في سورية ولبنان المطران لوقا الخوري :
ينطلق المطران الخوري في حديثه لصحيفة البناء من مُسَلمَة "أن ما يحدث في سورية اليوم ليس سوى مؤامرة كبيرة على الدولة وعلى الشعب السوري، بسبب ما تمثله سورية، من قوة وحيدة في المنطقة، آخذةً منحى الممانعة والمقاومة، ضد كل احتلالٍ لعالمنا العربي". ويضيف "أن "إسرائيل" وأعوانها، أميركا والدول الغربية والأوروبية وبعض الدول العربية، تريد النيل من المقاومة والممانعة، وحيث أن سورية هي البلد العربي الوحيد الذي يستمر ثابتاً في هذا الخط، نراها مستهدفة ونرى أنها في عين العاصفة".
لماذا العرب؟
وإذ يقول المطران الخوري "ان هذه المؤامرة الدولية الكبيرة هدفها خدمة المشروع الأميركي ـ "الإسرائيلي". يعرب عن "الأسف الشديد لأن بعض الدول العربية وبعض الحكام العرب، يسيرون في هذه المؤامرة بشكل يخالف مصالح شعوبهم، وهم يبدون وكأنهم مغلوب على أمرهم، ويفضلون الوقوف مع القوى الظالمة ضد الإنسانية والإنسان، معتقدين أنهم بذلك ينالون الرضى، ويحفظون مصالح أنظمتهم".
ويؤكد المطران الخوري "أنهم سيفشلون في ذلك، لأنهم كمن يفرح لخراب بيته، ومن لا يؤتمن على بيته، لن يكون أميناً على بيوت الآخرين".
ويتابع قائلاً: "ان بعض الدول العربية والخليجية فرحة بنفطها ومالها، وتعتقد أنه يوفر لها الحماية، لكن هؤلاء يفتقدون إلى التاريخ، لذلك نراهم لا يبالون بخراب بيوت الآخرين، ولو كانوا يملكون تاريخاً، لعرفوا جيداً، أن لا أميركا ولا "إسرائيل" ستوفر لهم الحماية، فهما (أميركا و"إسرائيل") أبعد ما تكونان عن الإنسانية وعن حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية، وأن أميركا لا تريد من هذه المنطقة إلا خيرات العرب ونفطهم وأموالهم، من أجل السيطرة ومن أجل صناعة القوة الحديدية المدمرة لبلادنا، ومن أجل حماية "إسرائيل" وتوفير أمنها".
ويخاطب المطران الخوري السعودية ودول الخليج بالقول "إن لا أحد يحبكم أكثر من إخوانكم العرب، ولا يمكن لأي بلد عربي أن يعتمد على أميركا لحمايته، وأنتم لديكم تلك الكميات الهائلة من الأسلحة، فهل لديكم القدرة على حماية أنفسكم؟"
وإزاء ذلك يرى المطران الخوري "أن سورية كانت ولا تزال وفيّة لأشقائها العرب، واستقبلت العرب واحتضنتهم في كل الظروف، من الفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين، لأنها لا تفرق بين عربي وآخر، ولأنها دولة ممانعة ومقاومة وحريصة على الحقوق العربية".
سورية ولبنان توأمان
ويضيف "ان سورية ولبنان توأمان لا يمكن أن ينفصلا، مهما حاول البعض، فالأرض واحدة، والشعب واحد في دولتين، والتاريخ يثبت ذلك، وسورية منذ أيام المسيح (ع) وحتى اليوم، هي البلد الوحيد الذي يأخذ على عاتقه حماية الإنسان والإنسانية"."إن أول الوجود المسيحي بدأ في سورية، وكانت حينها تسمى أنطاكيا، وهذا ما ذكر في الكتب المقدسة".
"لقد أرسل اليهود "شهوا" إلى انطاكية (سورية)، بهدف القضاء على المسيحيين فيها، ولحظة وصوله إلى بوابة دمشق، تحول شهوا بإرادة الله تعالى، من شهوا إلى بولس الرسول، أي من محاربٍ ومقاتلٍ شرس ضد المسيحيين إلى مسيحي ممانع ومبشر بالمسيحية، وهذا مذكور في الكتب المسيحية والإسلامية. فمن سورية انطلقت المسيحية إلى العالم، كما أن الإسلام انطلق منها ونشط فيها، ولذلك نقول إن سورية نقلت المسيحية والإسلام والحضارات إلى العالم".ويستغرب المطران الخوري مجدداً "كيف أن بعض الدول العربية ودول الخليج يفرح بما تتعرض له سورية من مؤامرة، بل أكثر من ذلك نقول واثقين أن بعضهم يموّل المؤامرة استجابة لمطلب الأميركي والأوروبي و"الإسرائيلي"، ويسأل: "هل أتى أمير قطر إلى الحكم بإرادة شعبية، أم أنه عزل والده ليتسلم الحكم؟ ألم يتولى أحد ملوك السعودية الحكم بعد أن أطاح بأخيه؟ ألم يعتلي أحد ملوك البحرين على عرشه بعد أن قتل أباه؟ هذه وقائع تاريخية لا يمكنهم دحضها أو نكرانها، ومع ذلك فهم (حكام الخليج) لا يقرأون تاريخهم".
سورية و.. الحرية
أما في سورية فيقول المطران الخوري "إن تاريخها يشهد لها بالحرية والديمقراطية، لا بل أنها تتميز بالحرية والديمقراطية"، ويضيف: "فقط من لا يعمل لا يخطئ، والحاكم من الناس، والخطأ هو من طبيعة البشر، لكن سورية تحب السلام وتريده لها ولغيرها، ولا تسعى كغيرها إلى الخراب كما يريده ويعمل له بعض العرب إرضاءً لـ "إسرائيل" وأميركا وأوروبا".
ويؤكد المطران الخوري "ان سورية اليوم تعيد حساباتها، وقد أطلق الرئيس بشار الأسد مسيرة الإصلاح منذ استلامه الحكم، وهو اليوم يدفع هذه المسيرة بزخم أكبر وبوتيرة أسرع، فقط من أجل وطنه وشعبه"، ويسأل المطران: "من هم أولئك الذين يدعون أنهم يطالبون اليوم بالحرية في سورية؟ أي حرية يريدون؟ حرية القتل والتشويه والتمثيل والتدمير والتخريب باسم الحرية؟ إذا كانت هذه هي الحرية فنحن لا نريدها، نحن كمسيحيين نحصل على حقوقنا كاملة، ليس بالقتل والتخريب والذبح. فما يجري اليوم هو اعتداء سافر على سورية وشعبها، وهذا يحرّمه الإسلام وتحرّمه المسيحية وكذلك الإنسانية".
خدام.. رجل الخراب والتآمر
ويبدي المطران الخوري استغرابه "للحملة التآمرية التي يقودها عبد الحليم خدام من الخارج، وهو الذي كان في الحكم، وكان بيده ملف لبنان، فخرّب لبنان واليوم يخرّب سورية، وما يتكشف اليوم أن هذا الرجل ومنذ كان في الحكم، كان يقود مؤامرة سافرة لخراب لبنان وسورية معاً، باتفاق مع أميركا، لا ندري حيثياته. لقد وثق به الرئيس الراحل حافظ الأسد (رحمه الله)، لكنه لم يكن أهلاً ومحلاً للثقة، فتعامل مع الأجنبي لتخريب بلده".ويلفت المطران إلى ما جرى في جسر الشغور والبوكمال ودرعا وحمص، ويعتبره "خزياً وعاراً على كل سوري ساهم وسهّل وخطط وشارك ونفذ، قتلاً وتنكيلاً واغتصاباً وذبحاً وتمثيلاً بحق النساء والأطفال والشيوخ، وكله باسم الحرية، فأي حرية هذه؟ هؤلاء يهدفون فقط إلى خراب سورية".
فتاوى.. القتل
وينتقد المطران الخوري بعض رجال الدين المسلمين الذين يصدرون الفتاوى بالجهاد من أمثال القرضاوي والعرعور، اللذين أفتيا للقتلة والمتآمرين بأن "لا مشكلة في أن يذهب (يقتل) ثلث الشعب السوري، من أجل أن يعيش من يبقى على قيد الحياة"، ويسأل المطران: "في ظل فتاوى كهذه كيف لي أن أكون أميناً على حياتي إذا تسلم أتباع هؤلاء السلطة (لا سمح الله)؟.
وعن وجود السلاح بهذه الكمية في سورية بين أيدي الجماعات التكفيرية والإرهابيين يقول المطران الخوري: "لقد دخل السلاح بكثرة إلى سورية"، ويلاحظ "أن معظم أعمال الإجرام والقتل والتخريب حصلت وتحصل في مناطق سورية لها حدود مشتركة مع دول مجاورة: تركيا، الأردن، العراق ولبنان، كما أن الأمن السوري اكتشف أنفاقاً لتهريب السلاح بين سورية والأردن، بهدف تخريب سورية والتآمر على الدولة، والأجهزة المعنية أصبحت على علم بكل التفاصيل وهي تعمل على الملاحقة والمحاسبة".
الرئيس الأسد همّهُ الإصلاح
ويؤكد المطران الخوري "أن الرئيس بشار الأسد، ومنذ استلامه الحكم، وضع في أولوياته العمل على الإصلاح والتطوير في الداخل، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الخارجية، ونحن لمسنا ذلك في لقاءاتنا العديدة والمتكررة معه، لكن الإصلاح ليس كن فيكون، والرئيس الأسد في قمة الفهم والتطور، وكذلك السيدة الأولى، وهما قاما بزيارات ميدانية شملت كل المحافظات السورية، واطلعا عن كثب على الحاجات والمطالب الشعبية على كل المستويات الاجتماعية والخدماتية والصحية ودور العجزة والمسنين والتربية والتعليم وسوق العمل، ووضعت الخطط اللازمة لتلبية هذه الحاجات ولتطوير خدمات الدولة وتحقيق ما يصبو إليه الناس".
"أميركا قامت على الدم"
ويلفت المطران الخوري إلى "أن تحقيق الإصلاح والتطوير والتقدم يحتاج إلى الاستقرار، وهو لا يتوافر في ظل أعمال التخريب والقتل والإجرام، لأن المؤامرة الخارجية لا تريد لسورية أن تتطور أو تتقدم، وهل يمكن مثلاً أن ننتظر من أميركا أن تسهل ذلك وهي المشهود لها بعدائها للعرب، وهي الدولة التي قامت على الدم، دم الهنود الحمر؟ وهل من قام على الدم يستطيع أن يخلق الحرية والديمقراطية، وهل ننتظر منه المساعدة في تطبيق الحرية والديمقراطية في بلادنا، فيما نرى أن كل ما تقوم به أميركا والغرب وبعض العرب والخليجيون يصب في خدمة "إسرائيل" ومصلحتها وأمنها".
تمويل وتسليح ودعم لبناني
ويؤكد المطران الخوري "أن الأمور أصبحت جلية الوضوح أمام الرأي العام، حيث تأكد بالملموس أن هناك في لبنان من يعمل على تمويل وتسليح ودعم المخربين والمتآمرين والإرهابيين في سورية، وخير شاهدٍ على ذلك ما جرى في تل كلخ السورية المحاذية لعكار".
ويتابع: "ان عبدالحليم خدام له ارتباطات وثيقة ومتينة مع فريق "14 آذار" في لبنان، ولا شك في أن هناك تنسيقاً على تمويل ودعم المؤامرة ضد سورية، ولكن نحمد الله أن سورية بشعبها الواعي والموحد حول قيادته الحكيمة، يعي هذه المؤامرة ويواجهها، وإن شاء الله فإن سورية عصية على المؤامرات".
سلاح المقاومة
ويرى المطران الخوري "أن الذين يشتركون من لبنان في المؤامرة على سورية، تجدهم يتآمرون أيضاً على المقاومة في لبنان، وهي المقاومة التي حررت الأرض والتي تدافع عن الوطن، في حين أن الجيش اللبناني هو ضمان لكل الوطن، لكنه يفتقد إلى التسليح الذي يجعله قوة ردعٍ في وجه العدو "الإسرائيلي" في هذه المرحلة. والذين يريدون ويطالبون بنزع سلاح المقاومة، يهدفون إلى تفريغ الساحة وإفساح الطريق أمام "إسرائيل" لتتحرك بطمأنينة، وهذا يدل على أنهم مع المخطط الأميركي ـ "الإسرائيلي" ضد المنطقة. فالمقاومة واجب وعمل وطني في كل العالم العربي، لتدافع عن الحق العربي ضد "إسرائيل"، والمقاومة في لبنان لم تقاتل بهدف الدفاع عن إيران وسورية بل عن لبنان، وأن الذين يطالبون بنزع سلاحها، يتآمرون لإنهائها وإضعاف سورية".
ليست هذه دبلوماسية!
وعن تصرف بعض الدبلوماسيين إزاء سورية، يرى المطران لوقا الخوري "أن ذلك ليس تصرفاً دبلوماسياً إزاء سورية، بل هناك عمل لا علاقة له بالدبلوماسية يهدف إلى تخريب سورية". فالدبلوماسية الأميركية ـ الغربية ـ العربية، تعمل على تخريب سورية، لأنها الدولة العربية الوحيدة التي تقول لا لأميركا ولـ"إسرائيل"، وكل من يقول لا لـ"إسرائيل"، تجتمع الدول الغربية ضده بمعاونة بعض الدول العربية. يا ليتهم ليسوا عرباً، فتاريخياً نعرف أن العروبة هي من "الرحمانية"، أي المحبة والسلام والتضحية وإعانة الغير والتلاقي والإيمان، هذا الإيمان الذي أتت به المسيحية وأتى به الإسلام إلى هذه المنطقة، وهو إيمان غير متوافر في الخارج، لذلك نرى أن الدبلوماسية الغربية وبعض العربية، هي دبلوماسية تهدف فقط إلى إحياء "إسرائيل" ولا مشكلة لديها إذا ماتت بقية الناس".
تسلل السفيرين إلى حماه
ويتابع المطران: في كل دول العالم وحتى في أميركا، هناك عُرف دبلوماسي متبع ومتعارف عليه، بحيث أن أي سفير في أي دولة، عليه أن يبلغ السلطات الخارجية عن أي تحرك يقوم به خارج سفارة بلاده. لكن السفير الأميركي في سورية، قبل أن يذهب ويتجول في مناطق الاضطراب، سبقه تصريح لوزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، زعمت فيه "فقدان الشرعية في سورية، وهي أرادت بذلك، أن توعز إلى سفيرها في سورية، بالتحرك كيفما يشاء، لأن لا شرعية في سورية"."لقد ذهب السفير الأميركي إلى حماه، وتقصّد حماه، نظراً الى حساسيتها التاريخية، وكان هدف التسلل إلى حماه تحويلها إلى "قاعدة" للتحرك ولانطلاق المؤامرة".
ويكشف المطران الخوري "أن السفير الأميركي أشرف مباشرة في حماه على توزيع كميات كبيرة من أجهزة الاتصال المتطورة على الإرهابيين والمتآمرين. وقد رفضت إدارة أحد الفنادق في حماه استقبال السفير الأميركي وصحبه، ورفضت إعطاءهم قاعة لكي يجتمع فيها السفير مع المتآمرين، وبعد هذا الرفض، لم يجد السفير والمتآمرون مكاناً يجتمعون فيه إلا أحد مساجد حماه".
ويضيف المطران: "لقد احتج الشباب السوري أمام السفارتين الأميركية والفرنسية، على تصرف السفيرين وتدخلهما في الشؤون السورية وتغذية الإرهاب والتآمر، وهو احتجاج شبابي أرادوه سلمياً تعبيراً عن غضبهم ورفضهم لهذا التدخل السافر، فأوعز السفيران إلى حراس السفارتين بإطلاق الرصاص الحي والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع على جموع المحتجين وأوقعوا بينهم إصابات".
ويسأل المطران: "هل مثل هذا التصرف مسموح في أميركا أو في فرنسا، في ما لو حصل احتجاج أمام السفارة السورية أو غيرها من السفارات، فهل كان يسمح لحراس السفارة بإطلاق النار على المحتجين؟ لا أعتقد ذلك، بل أعتقد أن الأميركيين كانوا دمروا السفارة على من فيها، لأن أميركا تمارس الازدواجية في تطبيق القوانين الدبلوماسية وغيرها".
طردتُ السفير الأميركي...
وعن طرده السفير الأميركي من الكنيسة في دمشق يقول المطران لوقا الخوري: "بعد دخول السفير الأميركي إلى حماه، وبعدما تبين بوضوح أهداف هذا التحرك التآمري، وبعد ما توضح من اجتماعه مع الإرهابيين والمتآمرين على سورية وشعبها وأرضها، وبعد انفضاح أمر ذلك التصرف المشين اللاقانوني واللاإنساني، وبعد إطلاق النار من داخل السفارتين الأميركية والفرنسية على المحتجين السوريين أمامهما وسقوط إصابات في الأرواح، اتضحت الصورة التآمرية على بلدنا من أميركا وفرنسا وأوروبا وبعض العرب".
بعد كل ذلك، يضيف المطران، "كنا في مناسبة استقبال تكريمية لأحد المطارنة في قاعة كنيسة الصليب في دمشق، وكان يوماً حافلاً بالزوار المسلمين والمسيحيين ورجال الدين، فجأة دخل عليّ أحد الموظفين في الكنيسة قائلاً: أن موكب السفير الأميركي أمام درج قاعة الاستقبال في الكنيسة ويريد الدخول، عندها تخيلت منظراً بشعاً ومقيتاً من هذا التصرف، وكأنه يريد قلب الجو التآلفي داخل الكنيسة، بين المسيحيين والمسلمين، شبابنا أمام السفارة يقتلون ويهانون، وهو يريد أن يدخل إلى الكنيسة، هذا عمل مرفوض وتصرف مدان.. ولم أجد في هذا التصرف ودخول السفير إلى الكنيسة إلا هدفاً واحداً وهو إحداث مشكلة، وإظهار التودد الى المسيحيين، وبالتالي تأليب الجو الطائفي، وهو لا يعلم أن مسيحيي سورية وطنيون، عروبيون وممانعون، ولا يرضون الذل والنذالة، ولا يسيرون خلف المستعمرين الذين يريدون الخراب لوطننا، فسورية تاريخياً، بمسلميها ومسيحييها يد واحدة ضد الاستعمار وضد كل من يريد خرابها".
"حصل نقاش بيني وبين الحاضرين حول هذا التصرف من قبل السفير الأميركي، فتوليت المهمة واتخذت قرار الرفض، ليس فقط منع دخوله إلى الكنيسة بل حتى عدم استقباله والحديث معه، وقلت أن عليه العودة فوراً من حيث أتى، فهو شخص غير مرغوب فيه"، وذهبت لإبلاغ الأمر، فالتقيت بأحد مرافقيه الذي قال لي: حضرتك ستستقبل السفير، فقلت له: حضرتي والحاضرون نرفض استقباله، وأحذره من الصعود حتى على درج الكنيسة، رسالتي واضحة، فليخرج فوراً، وإلا سيحصل شيء ليس مريحاً".
ويقول المطران: "لقد أتخذت هذا القرار بكل طيبة خاطر، انطلاقاً من مواقفنا الوطنية وما نؤمن به، ولا يهم إذا كان يمثل دولة عظمى، ما يهمنا هو أن الأميركيين ناقمون، وهل من نقمة أكثر من الذي يحصل في سورية".ويؤكد "أن السفير الأميركي كان يهدف من هذه الزيارة إلى إيجاد نقمة وشرخ وتأجيج الفوضى بيننا وبين إخواننا المسلمين، وهذا لا نشك فيه لحظة، وبالتالي فإن دخوله قاعة الكنيسة هو بمثابة وصمة عارٍ علينا كمسيحيين وككنيسة".ويحرص المطران الخوري على التنويه بما كتِب عنه في "البناء"، وبالثناء الذي تقاطر عليه من كل حدبٍ وصوب، ولا سيما من مكتب الرئيس بشار الأسد، الذي اعتبر "أن هذا الموقف نابع من روحية وطنية تعبّر عن سورية وممانعتها لكل أشكال الظلم والاستعمار".
ولذلك لا يشك المطران الخوري بـ"أن أميركا وفرنسا ومن معهما، يتخذون موقفاً واضحاً في دعم الإرهاب وفي التآمر على سورية".
ويأسف "للموقف الذي اتخذته قطر في سحب سفيرها من سورية، وهي تهدف من ذلك الى البقاء في أحضان الأميركي والفرنسي وبالتالي اليهودي. فقطر مشهود لها باحتضان اليهود من خلال احتضانها المكاتب اليهودية فيها، وكذلك وجودها في "إسرائيل" حيث لا أحد له تمثيل مثلما لها في "إسرائيل".
"الإعلام التآمري"
ويلفت المطران إلى "أن دول الخليج بأكثريتها خاضعة للإرادة اليهودية"، ويكشف "أن مستشار الكنيسة الأنغليكانية في أبوظبي هو يهودي"، ويشير إلى "أن قطر على وشك أن تشهد ثورة وانتفاضة شعبية، وقد حصل بعض المقدمات لهذا الأمر، لكن الدولة فرضت تعتيماً إعلامياً عليها".
ويصف المطران "الإعلام الذي تتبناه قطر والسعودية وبعض الدول الأخرى (الجزيرة والعربية وغيرهما)، بالإعلام القاتل والمحرض أكثر من القتلة، فهو يؤجج الحركات التآمرية، وهو إعلام مأجور 100% للأميركي ولـ"الإسرائيلي" بشكل مباشر، وأن ما يعرض على هذه الوسائل عن سورية كذب 100%، فهم يستحضرون تظاهرات حصلت في مصر وفي غيرها ويقولون أنها تحصل في سورية. وكشف أننا في أحد الأعياد كنا نصلي في كنيسة الصليب في دمشق، وبدأت وسائل الإعلام المغرضة والمأجورة، تدعي أن كنيسة الصليب تشهد ثورة، تلك الوسائل حاولت تأجيج الخلاف بين المسيحيين وبين إخواننا المسلمين وهذا ما لم ولن يحصل".
المساواة في سورية
ويقول المطران الخوري "أن المسيحيين يشكلون 8% من أهل سورية، ونحن نحصل على كامل حقوقنا الوظيفية والاجتماعية والصحية والتربوية والتعليم والاستشفاء والضمان وغيرها من الدولة، تماماً ككل مواطن سوري، وسورية هي البلد الوحيد التي كنائسها ومؤسساتها الدينية معفية من كل أنواع الضريبة ومن الرسوم الضريبية، تماماً كالأوقاف الإسلامية، على عكس البلدان الأخرى، ففي لبنان مثلاً، لسنا معفيين، ندفع الضرائب والرسوم، الكهرباء والماء وغيرها. نحن كمسيحيين في سورية مع هذا الوطن، لأن من ليس له وطن لا شيء له في هذه الدنيا".
ويؤكد المطران الخوري "أن المؤامرة انكشفت، وأن المتآمرين أفلسوا، ولذلك نشهد بداية النهاية لهذه المؤامرة، ونثق أن سورية بخير وستبقى كذلك الآن ومستقبلاً، وستكون أقوى، وستخرج من هذه المحنة التآمرية أقوى بكثير مما كانت، لأن الشعب السوري يملك الوعي، ويدرك ان المؤامرة تحاك ضده وضد وطنه، فالشعب السوري لم يعرف اللحمة والوحدة كما تتجلى اليوم خلف قيادته الحكيمة، ونحن كمسيحيين على تواصل مع القيادة السورية ومع الرئيس بشار الأسد، ونتباحث في مجمل القضايا وفي كيفية التطوير والإصلاح".
المؤتمر الحواري
ويشيد المطران الخوري بـ"المؤتمر العام الذي عقد في دمشق وجمع العديد من الشخصيات، من المجتمع المدني والفاعليات الإجتماعية والوجهاء والشخصيات الرسمية تحت سقف الدولة، أما المؤتمرات التي تعقد في الخارج فهي ملغومة، وتهدف إلى خراب البلد، تماماً كما كان يحدث في العراق"، ويرفض التخوف من "عرقنة" سورية، لأن سورية المحصنة بشعبها وقيادتها، كشفت المؤامرة باكراً، وعرفت كيف تواجهها وتتغلب عليها، وكذلك لأن السوريين يثقون بقيادتهم الوطنية الحكيمة والعاقلة والشجاعة، ويقفون خلفها ومعها في كل ما من شأنه أن ينقذ بلدهم من المؤامرة".
مؤتمر عام
ويكشف المطران لوقا الخوري عبر "البناء" عن التحضير لـ"عقد مؤتمر عام، إسلامي ـ مسيحي موسع في دمشق، بهدف الجمع والتوحد لمجابهة المخطط التآمري الذي يستهدف سورية، أرضاً وشعباً، ولكي نوضح للرأي العام ما يجري في سورية من مؤامرة تقودها أميركا وأوروبا ومعهما بعض العرب والخليج، خدمة لمصالح "إسرائيل" وأمنها".
ويوجه المطران لوقا الخوري رسالة عبر "البناء" إلى الشعب السوري، فيقول: "ان سورية إذا انتهت فلن يبقى وطن للعرب أبداً، هذا الشعب الذي دافع ويدافع عن وطنه وعن الحق العربي، لا يمكن إلا أن نحييه ونقدره". أما إلى المغرر بهم فنقول: "اتقوا الله وابتعدوا عن القتل التآمري، لقد افتضح أمركم وافتضحت مؤامرتكم، وأصبحتم مثل "يهوذا"، فأيها المتآمرون على سورية "أنتم يهوذا القرن العشرين".
ويكشف "أن أموالاً طائلة تغرر بالمتآمرين، من داخل سورية ومن خارجها، لتخريبها وليس لإصلاحها كما يدعون، فأي إصلاح يمكن انتظاره في ظل هذه الكميات الكبيرة من السلاح المتطور بين أيدي المتآمرين؟".
الإسلام براء من أمثال العرعور
ويشير إلى "أن الديانتين الإسلامية والمسيحية ترفضان القتل"، ويتساءل: كيف ينصاع هؤلاء إلى الشيخ العرعور الذي افتضح أمره، والذي حياته مليئة بالأعمال والأفعال المشينة واللاأخلاقية، هو يدعي أنه "داعية إسلامي"، في حين أن الصغير والكبير يعرف عنه سوء أخلاقه وأفعاله وممارساته الشنيعة، ونحن نعرف ان الدين الإسلامي الذي نحترم ونقدّر يرفض أمثال العرعور ولا يسمح لهم بأن يتحدثوا باسم الاسلام والمسلمين".
ليحفظ الله سورية
ويختم المطران الخوري حديثه إلى "البناء" بالصلاة من أجل سورية والعالم العربي، ويقول: "أصلي ليحفظ الله سورية وقيادتها الحكيمة، وليبقيها أماً لنا جميعاً وحاضنة لكل إنسانٍ عربي، وسورية هي سورية السلام والمحبة والوفاء".
Comment