بدأ ما يسمى بالربيع العربي في تونس عبر ثورته المعروفة والتي استمرت حوالي الأسبوعين،
من أواخر ديسمبر وحتى الثالث عشر من يناير كانت كافية للإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وبعدها، فوراً وكأن أحداً ما يحرك الخيوط،
اندلعت شرارة ما يسمى بالثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير،
واستمرت أيضاً قرابة السبعة عشر يوماً، حاز بعدها حسني مبارك على لقب الرئيس المخلوع، في أواسط شهر فبراير شباط من العام 2011.
وما إن أرخت تلك الثورة ستائرها على فصول مرحلة سوداء من تاريخ مصر حتى اندلعت،
وبإيقاع وضبط دقيق وغريب، ما تسمى بالثورة الليبية، أو بتعبير آخر، الهجمة الأطلسية الغادرة ضد ليبيا، في السابع عشر من فبراير/ شباط، من العام نفسه،
وبقية القصة معروفة.
وما إن انقضى أقل من شهر واحد، تقريباً، حتى اندلعت ما سميت بالثورة السورية، التي بدأت نظرياً،
وكما كان مخططاً لها، في الخامس عشر من آذار/مارس، لكنها لم تبدأ فعلياً إلا في الثامن عشر من الشهر نفسه عبر أحداث درعا المعروفة،
التي أظهرت أن هذه الثورة، وعلى النمط الليبي، كانت عبارة عن مجرد تمرد مسلح مرصود ومخطط له، هدفه خلق منطقة،
أو جيب منفصل وخارج طائلة القانون، تكون موطئ قدم للمتمردين المسلحين للانطلاق منه في عملية تقسيم وتفكيك سورية.
ولا تزال هذه الثورة تنازع البقاء وتحاول أن تستمر بالحياة فيما كل المؤشرات تشي بقرب وفاتها ودفنها،
وأفول نجمها، بعد أن انكشف تكتيكها وافتضح أمرها وبانت أهدافها، وتحولت إلى القتل، والتخريب، وسفك الدماء،
ونشر الترويع والرعب في سيناريوهات الفوضى الخلاقة. وكذا الأمر بالنسبة لما يسمى بثورة اليمن التي تعيش حالاً من المراوحة في المكان، و"العصلجة" الـ Standstill.
وقد أطلق جهابذة الثورات ومحركوها على هذه التطورات والأحداث التي جرت على ساحة المنطقة اسم الربيع العربي.
وما يكشف زيف، وفبركة، والإعداد المسبق وطبخ هذه الثورات في المطابخ الأمريكية، أنه كان،
ويا للعجب، يتم التنبؤ بالمحطة القادمة للقطار الثوري الأمريكاني قبل حدوثها، ولكن المستغرب لماذا لم "تظبط" نبوءات "كهان" و"عرّافي" الثورات
بشأن امتداد لهيبها إلى موريتانيا، مثلاً، أو السعودية التي هي بحاجة، ليس إلى ثورة وحسب،
بل إلى زلازل وبراكين وخضّات اجتماعية وهزات سياسية، أو السودان الذي "انتهى" أمره ولم يعد بحاجة، على ما يبدو، إلى ثورات،
وجرى رسم صورته وتحديد ملامحه الجيوستراتيجية، وتفصيله في المشرحة الأمريكية، وأصبح مقسماً عملياً،
ولذا فهو لا يحتاج لأي نوع من الثورات، علماً أنه بلد إفريقي، متخلف، فقير يستنبت ويستدعي كل أسباب الثورة،
ويخضع لنفس شروط ومقاييس "ربيعهم" العربي الأثير، ولذا هو الأحوج، عملياً، وثورياً، لبناء"محطة" ثورية يصلها قطار الثورات المزعومة،
وإن استثناءه هو العجب وليس العكس. هل لأن صانعي الثورات، وطابخيها، يدركون في قرارة أنفسهم أن السودان غارق للتو في مستنقع التقسيم والفوضى الخلاقة،
ولذا فهو ليس بحاجة لربيعهم، وطالما أن أحد أهداف هذا الربيع الأمريكي المعلنة والظاهرة،
هي خلق الفوضى الخلاقة، فلا حاجة للسودان به؟ كما لا حاجة للأمريكان، ولا للثلاثي المرح كلينتون-جوبيه- هايغ، كي يوجعوا رؤوسهم
ويصرفوا من وقتهم الثمين ويعطوه لربيع العربان، وأخشى أن نفس الإسقاطات السودانية تنطبق على الحالة العراقية
التي تعيش أوضاعاً لا تحسد عليها، وبقيت خارج "السكك" الثورية. وعند المحطة السورية توقف قطار الثورات الأمريكية،
أو ربيع العرب، وتريث طويلاً، ولم نره يتحرك لا شمالاً ولا جنوباُ، ولا شرقاً ولا غرباً،
ويبدو أن غايات تلكم "الثورات" كانت أن تضرب الاستقرار السوري، وحسب، وكفى الثوريون شر
إذ كان من المفترض، وبعملية استدلال، وتحليل وقياس منطقي وزمني، وطبقاً لمعايير" الانتشار " والمد الثوري، أي حوالي الشهر، أو أقل بين الثورة وأختها،
وطالما أن عدوى الفعل الثوري والصحوة الثورة وفيروس الوعي الثورة قد أصاب مضارب بني يعرب،
فمن المفترض أن ينتقل ويتحرك من المحطة السورية باتجاه محطات أخرى، لاسيما أن تلك "المضارب" اليعربية الباقية،
التي فاتها، ويا حرام، قطار الثورات، ترزح تحت نير أنظمة حكم قبلية، عشائرية، أبوية، أوليغارشية، استبدادية مغلقة متوحشة،
نرى أنها أكثر من غيرها، عطشى وفي حال من الظمأ الشديد لنسائم الربيع العربي، لاسيما أن معظمها لا يوجد فيه لا قوانين ولا دساتير ولا أي شكل من الحياة السياسية ولا هم يحزنون،
وظلت صامتة صمت القبور عما يجري من حراك ثوري. فلماذا، مثلاً، لم يتحرك قطار الثورات وربيع العرب باتجاه وجهات أخرى تنتظره بفارغ الصبر،
أو بالأحرى لماذا لم "يحركه" أحد بذات الزخم والقوة، والدفع التي انطلق بها من تونس حتى وصل سورية، نحو وجهات أخرى؟
والسؤال الأكثر منطقية لماذا "نط" قطارنا الثوري، من فوق الأردن، وما "حط"، هناك، هكذا بلا إحم ولا دستور ولا "شور"،
وخالف قانونه الثوري، ومساره الافتراضي والمنطقي الذي كان قادماً من؟، أو بالأحرى لماذا لم يتأثر الأردن به،
و لماذا لم يمر منه القطار أصلاً، وعلى الأقل مرور الكرام، ووفق جدولنا الزمني الثوري المعد مسبقاً،
أي ما بين 15-30 يوماً بين كل ثورة وأخرى؟ والأردن، كما هو معروف، أيضاً، مؤهل أكثر من غيره،
اجتماعياًٍ واقتصادياً وبنيوياً لأشرس الثورات، والمحطة الأكثر استعداداً لتشميلها، ورعايتها، منطقياً، و"إنسانياً" بربيع العرب المزعوم؟
إن هذا السيناريو الساذج التهريجي الفاشل والمفضوح، يكشف أن هذه الثورات، والربيع العربي، ما هو إلا فبركة، وطبخة أمريكية " شايطة" و"طالعة ريحتها"،
وهي محاولة لتدخل أمريكي سافر في شؤون المنطقة لاسيما لجهة الرعاية الأمريكية والخليجية لهذه الثورات وتمويلها،
وتدل بما لا يدع مجالاً للشك أنها ثورات أمريكية الصنع والإعداد والطبخ والإنتاج والتصدير والتحريك والهوى؟
فهل هناك أعراب بحاجة للربيع والتثوير، وعرب ليسوا بحاجة لأي ربيع؟ والأنكى، والأدهي من كل هذا وذاك،
أن بعض العباقرة والأذكياء ما زالوا يصفقون ويهللون ويروجون لربيع عربي قادم إليه من بلاد العم سام،
ومتى كان هؤلاء يريدون خيراً بالعربان؟ ويبقى السؤال المريب الكبير، لماذا توقف قطار الثورات الأمريكية في سورية،
وهو جاثم في مكانه لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يتحرك منها إلى غير مكان، وبافتراض وجود ربيع
نضال نعيسه
من أواخر ديسمبر وحتى الثالث عشر من يناير كانت كافية للإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وبعدها، فوراً وكأن أحداً ما يحرك الخيوط،
اندلعت شرارة ما يسمى بالثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير،
واستمرت أيضاً قرابة السبعة عشر يوماً، حاز بعدها حسني مبارك على لقب الرئيس المخلوع، في أواسط شهر فبراير شباط من العام 2011.
وما إن أرخت تلك الثورة ستائرها على فصول مرحلة سوداء من تاريخ مصر حتى اندلعت،
وبإيقاع وضبط دقيق وغريب، ما تسمى بالثورة الليبية، أو بتعبير آخر، الهجمة الأطلسية الغادرة ضد ليبيا، في السابع عشر من فبراير/ شباط، من العام نفسه،
وبقية القصة معروفة.
وما إن انقضى أقل من شهر واحد، تقريباً، حتى اندلعت ما سميت بالثورة السورية، التي بدأت نظرياً،
وكما كان مخططاً لها، في الخامس عشر من آذار/مارس، لكنها لم تبدأ فعلياً إلا في الثامن عشر من الشهر نفسه عبر أحداث درعا المعروفة،
التي أظهرت أن هذه الثورة، وعلى النمط الليبي، كانت عبارة عن مجرد تمرد مسلح مرصود ومخطط له، هدفه خلق منطقة،
أو جيب منفصل وخارج طائلة القانون، تكون موطئ قدم للمتمردين المسلحين للانطلاق منه في عملية تقسيم وتفكيك سورية.
ولا تزال هذه الثورة تنازع البقاء وتحاول أن تستمر بالحياة فيما كل المؤشرات تشي بقرب وفاتها ودفنها،
وأفول نجمها، بعد أن انكشف تكتيكها وافتضح أمرها وبانت أهدافها، وتحولت إلى القتل، والتخريب، وسفك الدماء،
ونشر الترويع والرعب في سيناريوهات الفوضى الخلاقة. وكذا الأمر بالنسبة لما يسمى بثورة اليمن التي تعيش حالاً من المراوحة في المكان، و"العصلجة" الـ Standstill.
وقد أطلق جهابذة الثورات ومحركوها على هذه التطورات والأحداث التي جرت على ساحة المنطقة اسم الربيع العربي.
وما يكشف زيف، وفبركة، والإعداد المسبق وطبخ هذه الثورات في المطابخ الأمريكية، أنه كان،
ويا للعجب، يتم التنبؤ بالمحطة القادمة للقطار الثوري الأمريكاني قبل حدوثها، ولكن المستغرب لماذا لم "تظبط" نبوءات "كهان" و"عرّافي" الثورات
بشأن امتداد لهيبها إلى موريتانيا، مثلاً، أو السعودية التي هي بحاجة، ليس إلى ثورة وحسب،
بل إلى زلازل وبراكين وخضّات اجتماعية وهزات سياسية، أو السودان الذي "انتهى" أمره ولم يعد بحاجة، على ما يبدو، إلى ثورات،
وجرى رسم صورته وتحديد ملامحه الجيوستراتيجية، وتفصيله في المشرحة الأمريكية، وأصبح مقسماً عملياً،
ولذا فهو لا يحتاج لأي نوع من الثورات، علماً أنه بلد إفريقي، متخلف، فقير يستنبت ويستدعي كل أسباب الثورة،
ويخضع لنفس شروط ومقاييس "ربيعهم" العربي الأثير، ولذا هو الأحوج، عملياً، وثورياً، لبناء"محطة" ثورية يصلها قطار الثورات المزعومة،
وإن استثناءه هو العجب وليس العكس. هل لأن صانعي الثورات، وطابخيها، يدركون في قرارة أنفسهم أن السودان غارق للتو في مستنقع التقسيم والفوضى الخلاقة،
ولذا فهو ليس بحاجة لربيعهم، وطالما أن أحد أهداف هذا الربيع الأمريكي المعلنة والظاهرة،
هي خلق الفوضى الخلاقة، فلا حاجة للسودان به؟ كما لا حاجة للأمريكان، ولا للثلاثي المرح كلينتون-جوبيه- هايغ، كي يوجعوا رؤوسهم
ويصرفوا من وقتهم الثمين ويعطوه لربيع العربان، وأخشى أن نفس الإسقاطات السودانية تنطبق على الحالة العراقية
التي تعيش أوضاعاً لا تحسد عليها، وبقيت خارج "السكك" الثورية. وعند المحطة السورية توقف قطار الثورات الأمريكية،
أو ربيع العرب، وتريث طويلاً، ولم نره يتحرك لا شمالاً ولا جنوباُ، ولا شرقاً ولا غرباً،
ويبدو أن غايات تلكم "الثورات" كانت أن تضرب الاستقرار السوري، وحسب، وكفى الثوريون شر
إذ كان من المفترض، وبعملية استدلال، وتحليل وقياس منطقي وزمني، وطبقاً لمعايير" الانتشار " والمد الثوري، أي حوالي الشهر، أو أقل بين الثورة وأختها،
وطالما أن عدوى الفعل الثوري والصحوة الثورة وفيروس الوعي الثورة قد أصاب مضارب بني يعرب،
فمن المفترض أن ينتقل ويتحرك من المحطة السورية باتجاه محطات أخرى، لاسيما أن تلك "المضارب" اليعربية الباقية،
التي فاتها، ويا حرام، قطار الثورات، ترزح تحت نير أنظمة حكم قبلية، عشائرية، أبوية، أوليغارشية، استبدادية مغلقة متوحشة،
نرى أنها أكثر من غيرها، عطشى وفي حال من الظمأ الشديد لنسائم الربيع العربي، لاسيما أن معظمها لا يوجد فيه لا قوانين ولا دساتير ولا أي شكل من الحياة السياسية ولا هم يحزنون،
وظلت صامتة صمت القبور عما يجري من حراك ثوري. فلماذا، مثلاً، لم يتحرك قطار الثورات وربيع العرب باتجاه وجهات أخرى تنتظره بفارغ الصبر،
أو بالأحرى لماذا لم "يحركه" أحد بذات الزخم والقوة، والدفع التي انطلق بها من تونس حتى وصل سورية، نحو وجهات أخرى؟
والسؤال الأكثر منطقية لماذا "نط" قطارنا الثوري، من فوق الأردن، وما "حط"، هناك، هكذا بلا إحم ولا دستور ولا "شور"،
وخالف قانونه الثوري، ومساره الافتراضي والمنطقي الذي كان قادماً من؟، أو بالأحرى لماذا لم يتأثر الأردن به،
و لماذا لم يمر منه القطار أصلاً، وعلى الأقل مرور الكرام، ووفق جدولنا الزمني الثوري المعد مسبقاً،
أي ما بين 15-30 يوماً بين كل ثورة وأخرى؟ والأردن، كما هو معروف، أيضاً، مؤهل أكثر من غيره،
اجتماعياًٍ واقتصادياً وبنيوياً لأشرس الثورات، والمحطة الأكثر استعداداً لتشميلها، ورعايتها، منطقياً، و"إنسانياً" بربيع العرب المزعوم؟
إن هذا السيناريو الساذج التهريجي الفاشل والمفضوح، يكشف أن هذه الثورات، والربيع العربي، ما هو إلا فبركة، وطبخة أمريكية " شايطة" و"طالعة ريحتها"،
وهي محاولة لتدخل أمريكي سافر في شؤون المنطقة لاسيما لجهة الرعاية الأمريكية والخليجية لهذه الثورات وتمويلها،
وتدل بما لا يدع مجالاً للشك أنها ثورات أمريكية الصنع والإعداد والطبخ والإنتاج والتصدير والتحريك والهوى؟
فهل هناك أعراب بحاجة للربيع والتثوير، وعرب ليسوا بحاجة لأي ربيع؟ والأنكى، والأدهي من كل هذا وذاك،
أن بعض العباقرة والأذكياء ما زالوا يصفقون ويهللون ويروجون لربيع عربي قادم إليه من بلاد العم سام،
ومتى كان هؤلاء يريدون خيراً بالعربان؟ ويبقى السؤال المريب الكبير، لماذا توقف قطار الثورات الأمريكية في سورية،
وهو جاثم في مكانه لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يتحرك منها إلى غير مكان، وبافتراض وجود ربيع
نضال نعيسه
Comment