من السذاجة أن نتصور أن الغرب بالقيادة الأميركية الصهيونية لا يعرف أن الثورة العربية القائمة اليوم هي ضده في الأساس، أو نتصور أن الغرب سيسلم بهزيمة مشروعه في العالم العربي الذي يمارس عليه استعماراً مباشراً بالاحتلال أو غير مباشر بالهيمنة،
وهي الهزيمة التي تصنع فصولها على يد الشعب العربي الذي نظم مقاومة تصدت للاحتلال فهزمته، وأخرج الجماهير صارخة برفض أنظمة التبعية والارتهان للخارج فاسقطت منها حتى الآن رئيسين/مصر وتونس/ والثالث في الطريق إلى السقوط وآخرون ينتظرون ساعتهم
إن المقاومة المتنامية، والانتفاضة المتصاعدة هما وجها الثورة العربية الحديثة ضد الغرب حيث قامت المقاومة المسلحة من أجل تحرير الأرض المسلوبة بالاستعمار الصهيو - أميركي، وانفجرت الانتفاضات الشعبية من أجل تحرير الإرادة الوطنية التي كبلتها الأنظمة المرتهنة للغرب، والغرب يفهم هذا ويعرف أن الثورة بوجهيها تهدف لطرده لذلك نراه يهب وبكل السبل ليمنع الخطر ولينقض على منجزات الثورة حماية لمصالحه التي استثمرها في بلادنا منذ نيف وقرن من الزمن. وإذا كان رده على المقاومة بوسمها بالإرهاب وبشن حرب عالمية عليها وبتحشيد كل الطاقات من أجل محاصرتها وتجريدها من سلاحها كما يفعل في فلسطين ولبنان والعراق، فإنه في مواجهة الوجه الآخر للثورة الشعبية يبدو مربكاً متخبطاً بالخيارات الضيقة التي تفتح مسالكها في وجهه، ومع ذلك فإن ما بدر منه حتى الآن يوحي بأنه بصدد احتواء المفاعيل عبر أسلوب يلجأ إليه تدرجاً وفقاً لكل ساحة، و تناسباً مع كل نظام مهدد بالثورة الشعبية الجارفة ، سلوك يطمح عبره إلى المحافظة على نفوذه ومصالحه في العالم العربي والإسلامي فضلاً عن اتخاذ كل ما يلزم للإبقاء على إسرائيل تجسيداً لاستمرار فعالية هذا المشروع الغربي مهيمناً على المنطقة لذا نراه يعتمد من السلوكيات ما يلي:
1- العمل على الحد من خسائر التغيير بالقدر المتاح، عبر حصره إن أمكن في الأشخاص وفي إطار الاصلاحات الداخلية دون أن يصل التغيير أصل النظام التبعي خاصة في الشأن الخارجي والشأن الاقتصادي أي بما يبقي البلد مثقلاً بتبعية اقتصادية تمنع استقلاله الفعلي، ويستمر مرتبطاً بالمعاهدات التي تكبله لمصلحة إسرائيل والغرب وبالفعل فإن أميركا تخوض مع بقايا الأنظمة المنهارة ما يمكن تسميته بالمناورة التأخيرية لكسب الوقت وامتصاص الزخم مقابل بعض الاصلاحات التي لاتصل إلى الجوهر، في عملية يصدق عليها تسمية « إعادة انتاج النظام» بأوجه جديدة، وهذا ما يجري الآن في مصر حيث أن التغيير لم يطل فعلياً إلا الشخص المترأس للنظام، أما النظام فهو مستمر بخلاياه الأساسية والتنفيذية يعلن التزامه بالاتفاقيات ويعد بالاصلاحات، دون أن يرفع قانون الطوارئ أو توضع خطة فعلية جدية للتغير، وهنا يكمن الخطر إذا تراخى الشعب، حيث سيعود كل شيء إلى ما كان عليه بعد إجراء تجميل طفيف ترعاه أميركا وترتاح إليه إسرائيل.
أما إذا انتبه الشعب وتابع ثورته فإن المحاولة الغربية سيكتب لها الفشل كما نعتقد.
2- العمل على احتواء الانتفاضات الشعبية، والإغراء بأنظمة ديمقراطية جديدة على أنقاض الأنظمة الفردية الاستبدادية البائدة، مع إعادة ربط الأنظمة الجديدة بالعجلة الغربية اقتصادياً وسياسياً، ومنع قيام الأنظمة التحررية المستقلة عن الغرب أو المنادية بالقرار الوطني والمصلحة الوطنية الحقيقية، وسيلجأ الغرب إلى هذا السلوك في حال كان الزخم الشعبي أقوى من مقاومة بقايا الأنظمة المنهارة وفي حال اضطرار المسؤولين عن المرحلة الانتقائية إلى الاستجابة للمطالب الشعبية الداعية إلى التغيير الفعلي والجدي وهنا تكمن مخاطر التسرع في انتخابات جديدة تتم على يد بقايا النظام السابق ووفقاً لقوانينه بعد التعديل الشكلي الطفيف وبإشراف القوى العسكرية والأمنية التي كان انشأها ولا زالت في مواقعها، وهذا ما يخشى الآن في تونس التي ينسق فيها بعض من بقي من النظام السابق مع أجهزة غربية أميركية وفرنسية لمحاولة انتاج نظام يحقق بعض حرية للداخل ويحفظ المصالح الغربية بعيداً عن أي انقلاب عليها، ومن المفيد أن ننوه بالوعي التونسي الذي ظهر حتى الآن والذي يستمر مطالباً بالتغيير كما هو الحل قائماً في مصر أيضاً.
3- أما السلوك الثالث فإننا نراه في حال أفلت الوضع من السيطرة، وفشلت محاولة الغرب في أي من السلوكين الأول أو الثاني، والخطر هنا يكمن في محاولة وضع اليد بطريق غير مباشر قد يؤدي إلى التدخل المباشر. أما الوسائل في ذلك فهي أجهزة المنظمات الدولية من مجلس أمن ومحكمة جنائية دولية وهيئات حقوق الإنسان، يعقبها تدخله المباشر بقواته العسكرية تحت ستار الانقاذ ومنع سفك الدماء، وبالتالي سيكون تعنت بعض الحكام وتمسكهم بالحكم في مواجهة شعوبهم الرافضة لهم أنسب وضع يطمع به الغرب للتدخل، وهذا ما نلحظه اليوم في ليبيا عبر تحصن القذافي في بضعة كيلومترات مربعة متمسكاً بسلطة انهارت وليس لها من وظيفة الآن إلا تبرير التدخل الغربي في ليبيا.
4- ويبقى السلوك الرابع وهو الأخطر والذي لن يتوزع الغرب باللجوء إليه على عادته، وهو نشر الفتن في البلدان المقاومة والثائرة على حكامها التابعين للأجنبي، فتن قد يجد الغرب في التنوع العرقي أو الطائفي أو المذهبي مداخل مناسبة لها. فتشعل النار في البلد المستهدف ناراً لا تطفأ إلا بتقسيم شتت القوى، أو بتدمير يفنيها، سلوك يذكرنا بمقولة لنا أو للنار التي عانى منها شعبنا في أكثر من مكان بدءاً من لبنان، وهذا ما نشهد تطبيقاً له اليوم في العراق وتعمل أميركا على تعميمه إلى لبنان حيث منعت تسوية داخلية كادت أن تتم وتنتج مصالحة وطنية فيه كان من شأنها أن تمنع أي إخلال بالاستقرار اللبناني المستهدف.
إن الثورة الشعبية في الوطن العربي بوجهيها المتكاملين المقاومة والانتفاضة مستهدفة من قبل الغرب بكل ما هو متاح لديه، لذا فإن الحرص عليها واجب الجميع برفض التدخل الأجنبي في شؤونها ورفض إعادة أدوات الغرب إلى سدة المسؤولية، وإلا ذهبت التضحيات سدى.
الأحد 6-3-2011م
منقول ليش مين الو نفس يكتب هلأيام
بقلم: العميد د.أمين حطيط
وهي الهزيمة التي تصنع فصولها على يد الشعب العربي الذي نظم مقاومة تصدت للاحتلال فهزمته، وأخرج الجماهير صارخة برفض أنظمة التبعية والارتهان للخارج فاسقطت منها حتى الآن رئيسين/مصر وتونس/ والثالث في الطريق إلى السقوط وآخرون ينتظرون ساعتهم
إن المقاومة المتنامية، والانتفاضة المتصاعدة هما وجها الثورة العربية الحديثة ضد الغرب حيث قامت المقاومة المسلحة من أجل تحرير الأرض المسلوبة بالاستعمار الصهيو - أميركي، وانفجرت الانتفاضات الشعبية من أجل تحرير الإرادة الوطنية التي كبلتها الأنظمة المرتهنة للغرب، والغرب يفهم هذا ويعرف أن الثورة بوجهيها تهدف لطرده لذلك نراه يهب وبكل السبل ليمنع الخطر ولينقض على منجزات الثورة حماية لمصالحه التي استثمرها في بلادنا منذ نيف وقرن من الزمن. وإذا كان رده على المقاومة بوسمها بالإرهاب وبشن حرب عالمية عليها وبتحشيد كل الطاقات من أجل محاصرتها وتجريدها من سلاحها كما يفعل في فلسطين ولبنان والعراق، فإنه في مواجهة الوجه الآخر للثورة الشعبية يبدو مربكاً متخبطاً بالخيارات الضيقة التي تفتح مسالكها في وجهه، ومع ذلك فإن ما بدر منه حتى الآن يوحي بأنه بصدد احتواء المفاعيل عبر أسلوب يلجأ إليه تدرجاً وفقاً لكل ساحة، و تناسباً مع كل نظام مهدد بالثورة الشعبية الجارفة ، سلوك يطمح عبره إلى المحافظة على نفوذه ومصالحه في العالم العربي والإسلامي فضلاً عن اتخاذ كل ما يلزم للإبقاء على إسرائيل تجسيداً لاستمرار فعالية هذا المشروع الغربي مهيمناً على المنطقة لذا نراه يعتمد من السلوكيات ما يلي:
1- العمل على الحد من خسائر التغيير بالقدر المتاح، عبر حصره إن أمكن في الأشخاص وفي إطار الاصلاحات الداخلية دون أن يصل التغيير أصل النظام التبعي خاصة في الشأن الخارجي والشأن الاقتصادي أي بما يبقي البلد مثقلاً بتبعية اقتصادية تمنع استقلاله الفعلي، ويستمر مرتبطاً بالمعاهدات التي تكبله لمصلحة إسرائيل والغرب وبالفعل فإن أميركا تخوض مع بقايا الأنظمة المنهارة ما يمكن تسميته بالمناورة التأخيرية لكسب الوقت وامتصاص الزخم مقابل بعض الاصلاحات التي لاتصل إلى الجوهر، في عملية يصدق عليها تسمية « إعادة انتاج النظام» بأوجه جديدة، وهذا ما يجري الآن في مصر حيث أن التغيير لم يطل فعلياً إلا الشخص المترأس للنظام، أما النظام فهو مستمر بخلاياه الأساسية والتنفيذية يعلن التزامه بالاتفاقيات ويعد بالاصلاحات، دون أن يرفع قانون الطوارئ أو توضع خطة فعلية جدية للتغير، وهنا يكمن الخطر إذا تراخى الشعب، حيث سيعود كل شيء إلى ما كان عليه بعد إجراء تجميل طفيف ترعاه أميركا وترتاح إليه إسرائيل.
أما إذا انتبه الشعب وتابع ثورته فإن المحاولة الغربية سيكتب لها الفشل كما نعتقد.
2- العمل على احتواء الانتفاضات الشعبية، والإغراء بأنظمة ديمقراطية جديدة على أنقاض الأنظمة الفردية الاستبدادية البائدة، مع إعادة ربط الأنظمة الجديدة بالعجلة الغربية اقتصادياً وسياسياً، ومنع قيام الأنظمة التحررية المستقلة عن الغرب أو المنادية بالقرار الوطني والمصلحة الوطنية الحقيقية، وسيلجأ الغرب إلى هذا السلوك في حال كان الزخم الشعبي أقوى من مقاومة بقايا الأنظمة المنهارة وفي حال اضطرار المسؤولين عن المرحلة الانتقائية إلى الاستجابة للمطالب الشعبية الداعية إلى التغيير الفعلي والجدي وهنا تكمن مخاطر التسرع في انتخابات جديدة تتم على يد بقايا النظام السابق ووفقاً لقوانينه بعد التعديل الشكلي الطفيف وبإشراف القوى العسكرية والأمنية التي كان انشأها ولا زالت في مواقعها، وهذا ما يخشى الآن في تونس التي ينسق فيها بعض من بقي من النظام السابق مع أجهزة غربية أميركية وفرنسية لمحاولة انتاج نظام يحقق بعض حرية للداخل ويحفظ المصالح الغربية بعيداً عن أي انقلاب عليها، ومن المفيد أن ننوه بالوعي التونسي الذي ظهر حتى الآن والذي يستمر مطالباً بالتغيير كما هو الحل قائماً في مصر أيضاً.
3- أما السلوك الثالث فإننا نراه في حال أفلت الوضع من السيطرة، وفشلت محاولة الغرب في أي من السلوكين الأول أو الثاني، والخطر هنا يكمن في محاولة وضع اليد بطريق غير مباشر قد يؤدي إلى التدخل المباشر. أما الوسائل في ذلك فهي أجهزة المنظمات الدولية من مجلس أمن ومحكمة جنائية دولية وهيئات حقوق الإنسان، يعقبها تدخله المباشر بقواته العسكرية تحت ستار الانقاذ ومنع سفك الدماء، وبالتالي سيكون تعنت بعض الحكام وتمسكهم بالحكم في مواجهة شعوبهم الرافضة لهم أنسب وضع يطمع به الغرب للتدخل، وهذا ما نلحظه اليوم في ليبيا عبر تحصن القذافي في بضعة كيلومترات مربعة متمسكاً بسلطة انهارت وليس لها من وظيفة الآن إلا تبرير التدخل الغربي في ليبيا.
4- ويبقى السلوك الرابع وهو الأخطر والذي لن يتوزع الغرب باللجوء إليه على عادته، وهو نشر الفتن في البلدان المقاومة والثائرة على حكامها التابعين للأجنبي، فتن قد يجد الغرب في التنوع العرقي أو الطائفي أو المذهبي مداخل مناسبة لها. فتشعل النار في البلد المستهدف ناراً لا تطفأ إلا بتقسيم شتت القوى، أو بتدمير يفنيها، سلوك يذكرنا بمقولة لنا أو للنار التي عانى منها شعبنا في أكثر من مكان بدءاً من لبنان، وهذا ما نشهد تطبيقاً له اليوم في العراق وتعمل أميركا على تعميمه إلى لبنان حيث منعت تسوية داخلية كادت أن تتم وتنتج مصالحة وطنية فيه كان من شأنها أن تمنع أي إخلال بالاستقرار اللبناني المستهدف.
إن الثورة الشعبية في الوطن العربي بوجهيها المتكاملين المقاومة والانتفاضة مستهدفة من قبل الغرب بكل ما هو متاح لديه، لذا فإن الحرص عليها واجب الجميع برفض التدخل الأجنبي في شؤونها ورفض إعادة أدوات الغرب إلى سدة المسؤولية، وإلا ذهبت التضحيات سدى.
الأحد 6-3-2011م
منقول ليش مين الو نفس يكتب هلأيام
بقلم: العميد د.أمين حطيط