الياس عيسى يخترع مضخة مياه بتكلفة أقل وطاقة أكبر و بحاجة لدعم رجال أعمال لتتطوير أعماله
عن الوطن السورية
يبدو الاختراع الذي أطلقه المبتكر السوري «الياس عيسى» تجسيدا عمليا لأزلية مقولة «الحاجة أم الاختراع»، فمن بيئته وعائلته وأهليه في مدينة الحسكة، كان لانخفاض مناسيب المياه أن يؤسس لحاجة ملحة نجح «عيسى» في التتلمذ على يديها وصولا إلى عام 2003 حين ابتكر مضخة «غاطسة مكبسية» تعد الأولى من نوعها في العالم
وإذا كانت الحاجة أماً حقيقية لاختراع الياس، فإن قلة الموارد في مجتمع محدود الموارد ويعول في حياته على الزراعة، كانت أباه، فلئن كان لشراء مضخات مستوردة مع كل انخفاض لمناسيب المياه، أن يحل المشكلة، فإن الحاجة المستمرة إلى صيانتها وتبديلها مع وصول مناسيب المياه إلى مستويات أكثر انخفاضاً، كان له أن يدفع بالشاب اليافع «الياس» إلى التصدي للمشاكل الطارئة التي تنتاب مضخة المنزل والأرض المحاذية.. لكن مع استمرار انخفاض منسوب المياه في كل مرة إلى الحدود التي لا يمكن للمضخة أن تصله، وما يعنيه ذلك من حاجة إلى استبدالها على حساب متطلبات الحياة، كان الأمر كافيا لإطلاق الروح المبدعة.
يقول المخترع الياس: لا يمكن أن تعرف معنى نقص المياه في حياة المزارع.. إنه شيء يشبه العزاء في طقوسه.. وإذا وصل الأمر إلى ضرورة الاستبدال نظرا لضعف الفاعلية قياسا بالعمق، فعليك أن تتوقع بأن مصاريف عامين أو أكثر ستتراجع خدمة لشراء مضخة جديدة تكفي بدورها فترة محدودة تحت ضغط تبعا للعجز عن شراء مضخة هائلة القدرة، هكذا يقضي الفلاح حياته..
غادر الياس الحسكة منذ زمن طويل قاصدا مدينة حمص، لكن هواجسه بقيت معلقة فبدأ عمله على تطوير المضخات الغاطسة إلى أن صمم في 2003 مع صديقه «محمد شويخة»، مضخة تعمل بالهواء الصناعي.
وعلى الرغم من ريادة المضخة لجهة التوفير المسجل في استهلاك الطاقة إلى حدود 40%، إلا أنها -ورغم حصولها على براءة اختراع- لم تكن تصلح للعمل سوى على الآبار السطحية بعمق يقارب 150 مترا، لكن موجة الجفاف وما تلاها من تناقص مستمر في مناسيب المياه وصل إلى عمق 700 متر في جنوب سورية وريف دمشق، أبرز الحاجة لدى المخترع عيسى إلى استكمال ابتكاراته لتطول تلك الأعماق، فكانت قصته مع «المضخة المكبسية». يقول المخترع عيسى: انكببت على دراسة المضخات الأوروبية فوجدت بأنها تعمل على أعماق لا تتجاوز 600 متر، وبزيادة منسوب البئر يتم تركيب غاطسين ما يتطلب طاقة جهد مضاعف ومن هنا بدأت بالعمل على صناعة المضخة المكبسية كحل وحيد لرفع المياه من عمق 1000 متر.
وبتحويل الحركة المحورية في المحرك الغاطس الأوروبي، إلى حركة ترددية للمضخة، ما يؤمن نظريا إمكانية الضخ من أعماق تصل إلى آلاف المترات مع تجنيب مستثمر البئر جميع المشاكل الناجمة عن تغيرات التدفق، ويضيف عيسى: وبما أن المحركات التي تصممها الشركات الأوروبية تحقق 3 آلاف دورة بالدقيقة، تبعا لتصميمها وتناسبا مع «المضخات البروانية»، فقد قمت بتحويل هذه الدورات إلى 135 حركة ترددية بالدقيقة لأحقق الهدف المطلوب في كفاءة استجرار المياه من أعماق كبيرة وتوفير طاقة بحدود30% عنه في الغواطس الأوروبية.
يكن المخترع الياس الكثير من التقدير للعديد من الأشخاص والجهات التي ساهمت في تمكينه من اختراعه، بدءا بمحافظتي حمص والسويداء، وجامعة البعث على استضافة بحثه العلمي بإشراف الدكتور عباس كاسوحة، كما يكن تقديرا لمؤسسة مياه السويداء ومديرها غسان ملاعب، والتي رعت اختراعه بعد أن استضافت تجاربه وقدمت كل الدعم الممكن له، بينما لا ينسى نصيحة زميله المخترع الدكتور عماد الدروبي لتوجهه نحو جامعة البعث.
يقول عيسى: بعد تأكدها من الجدوى ومعاينة الاختراع، عملت جامعة البعث على صقل اختراعه، فتم تصنيع مضخة تحت إشراف الدكتور كاسوحة، ما أضاف إليها الكثير لجهة نوعية التصنيع والحديد المستخدم عبر قاعدة تصنيعية نوعية جديدة كليا.
نوعية وتنافسية
يقول المخترع عيسى الذي حصل في 2008 على براءة اختراعه الثانية عن مضخته الترددية، قبل حصوله العام الماضي على ذهبية المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الوايبو»، يقول إن ما يميز مضخته عن قريناتها الأوروبية الغاطسة سهولة صيانتها بما يضمن استمرار العمل، مشيرا إلى أن الغواطس الأوروبية تتألف من نحو 100 «بروانة» لكل 600 متر منسوب، ولدى تعطل أي منها يتعطل عمل البئر لحين استبدالها، لكن استبدال هذا العدد من البروانات بمضخة ترددية يجعل من الصيانة عملية سهلة تبعا لكونها سطحية.
ويبين عيسى أن مضخته تعمل نظريا بكفاءة عالية على أعماق 1500 متر في حال تناسب قطر البئر مع قطر المضخة الغاطسة، ما يسهم في تغيير أسس سحب المياه من أعماق كبيرة في سورية، وبأكلاف قليلة نسبيا، إذ إن عمل مضخته ذات الـ60 أمبيراً «40 حصاناً» يعني خفضا كبيرا في قطر الأسلاك الكهربائية التي تمتد إلى تلك الأعماق، ما يقابله نظريا خفضا في الكلفة بحدود 40% لكل مضخة تترجم ماليا من 800 ألف إلى مليون ليرة من أصل 4 ملايين ليرة كلفة للغواطس المستوردة.
ابتكار جاهز للاستثمار
«ابتكاري أصبح جاهزا تماما للاستثمار الصناعي، وتجارب الضخ الأخيرة من آبار محافظة السويداء حققت نتائج ممتازة.. لكن الاختراع أرهقني تماما على مدى ثماني سنوات، ولأن المصارف السورية تطلب رهونات عقارية لا أمتلكها، فما أحتاجه الآن تمويل تشاركي محلي، يحول مضختي التنافسية إلى منتج صناعي يمكن تسويقه داخل سورية وخارجها».. يختم عيسى حديثه لـ«الوطن» بهذه العبارة المفعمة بالتحدي لقطاع الأعمال المحلي ورجاله، مضيفا: قمت بكل ما يجب.. كما أنني راسلت مؤسسات المياه الوطنية في خمس محافظات فعبرت عن حاجتها السنوية إلى نحو 200 مضخة، وهذا وحده جدوى اقتصادية يمكن أن تغري الرأسمال الوطني بتمويله، وها أنا بانتظاره كي يبدي رأيه في صناعة محلية تحقق خرقا في قطاع بقينا بعيدين عنه لفترات طويلة.
- كلفة المراحل الأولى للاختراع بلغت نحو 200 ألف ليرة سورية للتجربة الواحدة.
- يبلغ وزن المضخة 150 كيلو غراماً، وتوفر 30% من الطاقة، و40% من الكلفة.
- وضع الابتكار حيز التنفيذ هو ثمرة جهود علمية قدمتها جامعة البعث، وتطبيق عملي بكل المستلزمات من مؤسسة مياه السويداء.
- يقول عيسى إن الفترة السابقة لنجاح التجربة الأولى، شهدت عرضا قدمته له شركة إيطالية لبيع الاختراع مقابل 700 ألف دولار، وبعد نجاحها جاءته عروض استثمارية من شركات أوكرانية وإماراتية وإيطالية وبنوك عربية.
- تصاعدت نسب النجاح في مديرية مياه السويداء من 70% ساعة بدء التجارب إلى 100% قبل أيام
عن جريدة الوطن
http://www.alwatan.sy/dindex.php?idn=94791
عن الوطن السورية
يبدو الاختراع الذي أطلقه المبتكر السوري «الياس عيسى» تجسيدا عمليا لأزلية مقولة «الحاجة أم الاختراع»، فمن بيئته وعائلته وأهليه في مدينة الحسكة، كان لانخفاض مناسيب المياه أن يؤسس لحاجة ملحة نجح «عيسى» في التتلمذ على يديها وصولا إلى عام 2003 حين ابتكر مضخة «غاطسة مكبسية» تعد الأولى من نوعها في العالم
وإذا كانت الحاجة أماً حقيقية لاختراع الياس، فإن قلة الموارد في مجتمع محدود الموارد ويعول في حياته على الزراعة، كانت أباه، فلئن كان لشراء مضخات مستوردة مع كل انخفاض لمناسيب المياه، أن يحل المشكلة، فإن الحاجة المستمرة إلى صيانتها وتبديلها مع وصول مناسيب المياه إلى مستويات أكثر انخفاضاً، كان له أن يدفع بالشاب اليافع «الياس» إلى التصدي للمشاكل الطارئة التي تنتاب مضخة المنزل والأرض المحاذية.. لكن مع استمرار انخفاض منسوب المياه في كل مرة إلى الحدود التي لا يمكن للمضخة أن تصله، وما يعنيه ذلك من حاجة إلى استبدالها على حساب متطلبات الحياة، كان الأمر كافيا لإطلاق الروح المبدعة.
يقول المخترع الياس: لا يمكن أن تعرف معنى نقص المياه في حياة المزارع.. إنه شيء يشبه العزاء في طقوسه.. وإذا وصل الأمر إلى ضرورة الاستبدال نظرا لضعف الفاعلية قياسا بالعمق، فعليك أن تتوقع بأن مصاريف عامين أو أكثر ستتراجع خدمة لشراء مضخة جديدة تكفي بدورها فترة محدودة تحت ضغط تبعا للعجز عن شراء مضخة هائلة القدرة، هكذا يقضي الفلاح حياته..
غادر الياس الحسكة منذ زمن طويل قاصدا مدينة حمص، لكن هواجسه بقيت معلقة فبدأ عمله على تطوير المضخات الغاطسة إلى أن صمم في 2003 مع صديقه «محمد شويخة»، مضخة تعمل بالهواء الصناعي.
وعلى الرغم من ريادة المضخة لجهة التوفير المسجل في استهلاك الطاقة إلى حدود 40%، إلا أنها -ورغم حصولها على براءة اختراع- لم تكن تصلح للعمل سوى على الآبار السطحية بعمق يقارب 150 مترا، لكن موجة الجفاف وما تلاها من تناقص مستمر في مناسيب المياه وصل إلى عمق 700 متر في جنوب سورية وريف دمشق، أبرز الحاجة لدى المخترع عيسى إلى استكمال ابتكاراته لتطول تلك الأعماق، فكانت قصته مع «المضخة المكبسية». يقول المخترع عيسى: انكببت على دراسة المضخات الأوروبية فوجدت بأنها تعمل على أعماق لا تتجاوز 600 متر، وبزيادة منسوب البئر يتم تركيب غاطسين ما يتطلب طاقة جهد مضاعف ومن هنا بدأت بالعمل على صناعة المضخة المكبسية كحل وحيد لرفع المياه من عمق 1000 متر.
وبتحويل الحركة المحورية في المحرك الغاطس الأوروبي، إلى حركة ترددية للمضخة، ما يؤمن نظريا إمكانية الضخ من أعماق تصل إلى آلاف المترات مع تجنيب مستثمر البئر جميع المشاكل الناجمة عن تغيرات التدفق، ويضيف عيسى: وبما أن المحركات التي تصممها الشركات الأوروبية تحقق 3 آلاف دورة بالدقيقة، تبعا لتصميمها وتناسبا مع «المضخات البروانية»، فقد قمت بتحويل هذه الدورات إلى 135 حركة ترددية بالدقيقة لأحقق الهدف المطلوب في كفاءة استجرار المياه من أعماق كبيرة وتوفير طاقة بحدود30% عنه في الغواطس الأوروبية.
يكن المخترع الياس الكثير من التقدير للعديد من الأشخاص والجهات التي ساهمت في تمكينه من اختراعه، بدءا بمحافظتي حمص والسويداء، وجامعة البعث على استضافة بحثه العلمي بإشراف الدكتور عباس كاسوحة، كما يكن تقديرا لمؤسسة مياه السويداء ومديرها غسان ملاعب، والتي رعت اختراعه بعد أن استضافت تجاربه وقدمت كل الدعم الممكن له، بينما لا ينسى نصيحة زميله المخترع الدكتور عماد الدروبي لتوجهه نحو جامعة البعث.
يقول عيسى: بعد تأكدها من الجدوى ومعاينة الاختراع، عملت جامعة البعث على صقل اختراعه، فتم تصنيع مضخة تحت إشراف الدكتور كاسوحة، ما أضاف إليها الكثير لجهة نوعية التصنيع والحديد المستخدم عبر قاعدة تصنيعية نوعية جديدة كليا.
نوعية وتنافسية
يقول المخترع عيسى الذي حصل في 2008 على براءة اختراعه الثانية عن مضخته الترددية، قبل حصوله العام الماضي على ذهبية المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الوايبو»، يقول إن ما يميز مضخته عن قريناتها الأوروبية الغاطسة سهولة صيانتها بما يضمن استمرار العمل، مشيرا إلى أن الغواطس الأوروبية تتألف من نحو 100 «بروانة» لكل 600 متر منسوب، ولدى تعطل أي منها يتعطل عمل البئر لحين استبدالها، لكن استبدال هذا العدد من البروانات بمضخة ترددية يجعل من الصيانة عملية سهلة تبعا لكونها سطحية.
ويبين عيسى أن مضخته تعمل نظريا بكفاءة عالية على أعماق 1500 متر في حال تناسب قطر البئر مع قطر المضخة الغاطسة، ما يسهم في تغيير أسس سحب المياه من أعماق كبيرة في سورية، وبأكلاف قليلة نسبيا، إذ إن عمل مضخته ذات الـ60 أمبيراً «40 حصاناً» يعني خفضا كبيرا في قطر الأسلاك الكهربائية التي تمتد إلى تلك الأعماق، ما يقابله نظريا خفضا في الكلفة بحدود 40% لكل مضخة تترجم ماليا من 800 ألف إلى مليون ليرة من أصل 4 ملايين ليرة كلفة للغواطس المستوردة.
ابتكار جاهز للاستثمار
«ابتكاري أصبح جاهزا تماما للاستثمار الصناعي، وتجارب الضخ الأخيرة من آبار محافظة السويداء حققت نتائج ممتازة.. لكن الاختراع أرهقني تماما على مدى ثماني سنوات، ولأن المصارف السورية تطلب رهونات عقارية لا أمتلكها، فما أحتاجه الآن تمويل تشاركي محلي، يحول مضختي التنافسية إلى منتج صناعي يمكن تسويقه داخل سورية وخارجها».. يختم عيسى حديثه لـ«الوطن» بهذه العبارة المفعمة بالتحدي لقطاع الأعمال المحلي ورجاله، مضيفا: قمت بكل ما يجب.. كما أنني راسلت مؤسسات المياه الوطنية في خمس محافظات فعبرت عن حاجتها السنوية إلى نحو 200 مضخة، وهذا وحده جدوى اقتصادية يمكن أن تغري الرأسمال الوطني بتمويله، وها أنا بانتظاره كي يبدي رأيه في صناعة محلية تحقق خرقا في قطاع بقينا بعيدين عنه لفترات طويلة.
- كلفة المراحل الأولى للاختراع بلغت نحو 200 ألف ليرة سورية للتجربة الواحدة.
- يبلغ وزن المضخة 150 كيلو غراماً، وتوفر 30% من الطاقة، و40% من الكلفة.
- وضع الابتكار حيز التنفيذ هو ثمرة جهود علمية قدمتها جامعة البعث، وتطبيق عملي بكل المستلزمات من مؤسسة مياه السويداء.
- يقول عيسى إن الفترة السابقة لنجاح التجربة الأولى، شهدت عرضا قدمته له شركة إيطالية لبيع الاختراع مقابل 700 ألف دولار، وبعد نجاحها جاءته عروض استثمارية من شركات أوكرانية وإماراتية وإيطالية وبنوك عربية.
- تصاعدت نسب النجاح في مديرية مياه السويداء من 70% ساعة بدء التجارب إلى 100% قبل أيام
عن جريدة الوطن
http://www.alwatan.sy/dindex.php?idn=94791
Comment