محامية: الزواج ديني في سورية والمدني يحتاج لعمل شاق وجدي يبنى على أسس عادلة
بعد الجدل الذي أثارته فكرة الزواج المدني في باب مثير للجدل بين مؤيد له انطلاقا من حرية الفرد واحترام حق المواطنة وبين رافض على اعتبار انه يقصي الدين عن حياتنا وفيه تقليد اعمى للغرب، لا يناسب خصوصية مجتمعنا.
أعدت سيريانيوز
عرضاً لأهم الأفكار التي قدمها الضيوف والمعلقين واستعانت برأي المحامية دعد موسى حيث رأت ان إشكالية الزواج المدني "تحتاج إلى عمل شاق وجهد مستمر وعلمي ومنهجي للوصول إلى قوانين مدنية عادلة لا تمييزية تقوم على أسس المواطنة وحقوق الإنسان ولا تستند إلى أسس دينية وطائفية".
شريعة ثابتة لا تتغير
نائب عميد كلية الشريعة للشؤون الإدارية توفيق البوطي أكد خلال تناوله للموضوع أنه" عندما يتم مناقشة مسألة على جانب من الأهمية وتمس المجتمع والنظام والقانون، فيجب أن نكون موضوعيين ، وأن نتجرد عن الذاتية في القرار، فالزواج ينبغي أن يكون باب من أبواب قانون الأحوال الشخصية ويراعي الأحكام الدينية لكل طائفة، وأي تجاوز على ذلك هو تجاوز على الهوية التي تنتمي لها هذه الأمة بمختلف أطيافها فأي فئة من أطياف الوطن يجب أن يراعي قانون الأحوال الشخصية الأحكام الدينية التي تخصها فيما يتعلق بأمور الزواج والطلاق، وتجاهل هذا سيؤدي لنتائج سلبية على وحدة الوطن وتعدد الأطياف التي تضمه فنحن نعتبر أن هذا التعدد غنى في الوطن وتعايش مثالي يظهر من خلال هذا التعاون ولكن قضية نظام الأسرة قضية لها خلفيتها الدينية التي تعود لمعتقد وهوية ودين الأمة أياً كان، ونحن بغنى عن إثارة مشكلة قد تصبح لها انعكاسات سلبية عندما نتجاوز هذه المعايير، فالزواج المدني يتجاوز بعض شروط الزواج في الشريعة الإسلامية و بعض الضوابط التي في الأديان الأخرى".
وبعد قراءته لتعليقات القراء المعارضة لأفكاره والتي تعتبر الزواج المدني تقديس حق الفرد في اختيار شريك حياته، والمعتقدات التي كانت تناسبنا منذ القديم يجب تغييرها بحكم التطور رد بالقول "قانون الأحوال الشخصية يعود لثوابت وليس متغيرات لذا لا يمكن الحديث عن أن القانون الحالي هو قانون يبلغ عمره خمسون عاماً ولا يلاءم طبيعة حياتنا ويحتاج لمواكبة التغيرات التي طرأت على المجتمع، فهو مستمد من شريعة راسخة لا تتغير".
ووجه رسالة للعلمانيين قال فيها " علمانية ، هذه الكلمة إذا كانت مشتقة من العلم فأنا مستعد للاحتكام للعلم . وهل أسمى من الاحتكام لميزان العلم!،أما إن كانت العلمانية مجرد حكم سابق يصنف الناس على أساسه وفق معايير فرضها واضعوها إلى متنورين وظلاميين فمن وافقهم فهو متنور ومن خالفهم فهو ظلامي! إنني أرفض أن أبيع عقلي وكرامتي لمثل هذا الميزان".
الرفض يستبطن المشكلات ولا يحلها
وبالمقابل كان لمدير تحرير مجلة ثرى الصحفي يحيى الأوس وجهة نظر مخالفة
فقال"الزواج المدني هو اتفاق واضح بين طرفين يعرفان حقوقهما وواجباتهما وما يترتب عليهما من نتائج وبذلك يضمن عدم التعدد وعدم الوصاية وغياب للمهر
وأيضاً يضمن عدم زواج الصغيرات دون الـ18 سنة ،
فهو زواج بصيغة إنسانية راقية جدا تقوم على تلاقي الإرادات والتوافق وليس على مبدأ الالتزام بدين معين وواجب الارتباط بفتاة من نفس الدين،
فكيف يمكن الحديث عن وحدة وطنية ونحن نحرم السوريين من حق أصيل هو التمتع بحريتهم
فالمسالة شائكة والوحدة الوطنية لا يهزها زواج مدني
فهو يهز سلطة رجال الدين لحد ما،
فالأفكار المدنية تقوم على فصل المجال الديني عن المجال الحكومي
ولا يمكن الادعاء أننا مهيأين لذلك ولكن يجب وضع الدين في مكانه ووضع الدولة بمكانها
فهذا التداخل الشديد بين الدين والدولة لا يخلق استقرار بعيد الأجل
بل اتفاق مؤقت فلا بد من أن يتم صهر المواطنة بغض النظر عن الدين".
وبعد إطلاعه على تعليقات القراء الرافضة للزواج المدني رد بالقول"
أعتقد أن السؤال الذي يجب علينا جميعاً التوقف عنده هو: هل خفف غياب التشريع الناظم لهذا النوع من الزيجات من أعدادها؟ وهل سيدفع أي تشريع محتمل بنا نحو التزاوج من خارج طوائفنا بلا قيد أو شرط؟.في الحقيقة غياب التشريع لم يفعل سوى أنه أجل مشكلاتنا وراكمها، فالزيجات المختلطة تحدث رغم غياب التشريع بينما نستمتع بمعاناة أصحابها، وحضور التشريع لن يؤجج سعير هذه الزيجات كما يتخيل البعض لأن المسألة قبل هذا وذاك تحتاج منا أن نعترف بأننا أبناء وطن واحد وكل ما هو دون ذلك مجرد تفاصيل".
القراء يعرضون تجاربهم
ضمت تعليقات القراء تجارب شخصية لأشخاص قاموا بالزواج من أديان مختلفة،
ولكنهم إلى الآن لم يجدوا المخرج القانوني
فيقول سيمون(أحد المعلقين)"
تزوجت من مسلمة سورية في أوروبا و برضى الأهل
"إن جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه", ولأن الإسلام اعترف بالمسيحية
ولأن أهل زوجتي ارتضوا خلقي,
زوجوني ابنتهم شرعاً بالخارج ورزقني الله ثلاثة أطفال، ولكن المشكلة أني أردت العودة للبلد و عند تسجيل أبنائي فوجئت أن خانة الأم لأولادي (مجهولة)
أي أن الدولة لم تعترف بزواجي ولكن اعترفت بنتائجه (أولادي)
ولا أدري كيف أن القانون يعترف بنتيجة دون مسببها!،
هذا ما اضطرني للهجرة من جديد، وعندما قصصت ماجرى معي لأصدقائي بالخارج ضحكوا طويلاً .
.ماذا أفعل؟؟".
أما بنت الساحل ( معلقة) روت قصتها فقالت
" أنا مسلمة ومتزوجة من مسيحي منذ 21 سنه ولدينا 3اولاد من المتفوقين في مدارسهم والحمدلله،
حياتنا من أحلى وأروع ما يكون ،أحترم خصوصية دين زوجي وبالنسبة لأولادنا لا يوجد أي مشكلة لأننا ربيناهم على أننا كلنا مسلمون لرب العالمين، منا من أسلم لله بالقرآن،
ومنا من أسلم لله بالانجيل، وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وأرضنا إلا اليهود ولكن المشكلة الكبرى في من حولنا من البشر فنحن تربينا على هذا ولكن للأسف عندما ترى شعبنا المسيحي والمحمدي كيف يتصرفون مع بعضهم بالفعل شئ مؤلم جداً ومخجل حقا".
ولم تخل التعليقات من تناول نماذج لحالات زواج بين أديان مختلفة انتهت بالطلاق بسبب اختلاف الأديان، أو عاشت في ظل الصراع على الأولاد حيث يحاول كل من الأب والأم جذبهم إلى ناحية دينه والنتيجة هي أسرة مفككة ومشتتة.
الزواج المدني لا يناسبنا
الكثير من التعليقات لم تقف بوجه الزواج المدني رغبة بمعارضته فقط بل كونه لا يناسب طبيعة المجتمع لسوري ويحتاج لكثير من الوقت لقبوله فتقول سما (معلقة)" قبل التهجم على الدين يجب ألا نتناسى ويغيب عنا المشاكل والجرائم التي نسمع بها نتيجة الزواج بين أشخاص من أديان مختلفة, لأننا مجتمع حتى الآن لا يتقبل هذه الفكرة وبالتالي نحن لا نتحدث عن تخلف أو تعصب وإنما عن طبيعة قائمة بمجتمعنا وهي حقيقة وجود أديان مختلفة وطوائف متنوعة وكل منها لا يقبل الزواج من غير دين أو طائفة والقضية لا تتعلق بالدين الإسلامي بشكل خاص ولا داعي للتهجم عليه بهذه الطريقة. يجب مناقشة الموضوع مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة مجتمعنا".
وأيدها بذلك المعلق باسم محام مخضرم فقال"إن تطبيق الزواج المدني بمجتمعنا لم ولن ينجح ، فبصراحة تامة الأخوة الدروز يستحيل أن يعطوا بناتهم لغير طائفتهم بتشريع أو غيره،والأخوة المسيحيون يرفضون إعطاء المسلم بنتهم ومن فعلت ذلك قوطعت من أهلها ، والمسلمون لا يعطون بناتهم لمسيحي أو درزي وإذا فعلت اعتبروها خرجت من الملة وكفرت، وإذا فتحنا ملف الأولاد الذين سيأتون من هذا الزواج والعقد النفسية والمشاكل اليومية من أهل المرأة والزوج فحدث ولا حرج فهم يعتبرونهم أولاد الخطيئة، أنا لا أتحدث من فراغ فلدي ولديكم أمثلة حية ولنكن واقعيين هذا واقعنا المعاش فلماذا المكابرة بالمحسوس والتغريد خارج السرب!".
حرية الاختيار
بعض المعلقين وجدوا أن السماح بتغيير الأديان سيكون حل للمشكلة دون أن يترتب على ذلك ذلك أي أخطار لمن يقوم بتغيير دينه فيقول عزام(معلق)"إن كان كل من الزوجين ملتزم بدينه ويحترم دين الآخر فهل يستطيع المسلم إيقاف علاقته الزوجية بزوجته لمدة 48 يوم عندما تقوم بالصيام!!!وهل يحترم ذلك؟، باعتقادي ذلك صعب ولكن عندما تباح إمكانية تغيير الأديان دون أن يلحق الأذى بأي شخص يغير دينه، اعتقادي أنه حل مناسب، وبالنسبة لي شخصياً أنا ضد زواج بين الأديان المختلفة".
ووجد البعض أن إعلاء قيمة المواطنة السورية على كل شئ هي الحل، والمساواة في الحقوق والواجبات سبيلنا لبناء مجتمع مدني فيقول أحمد بسمار (معلق)" في كل بلاد العالم تعتمد المواطنة على مكان المولد والشعور المشترك. وليست على العرق أو الدين. ما عدا في البلاد العربية. وبرأي بما أننا كلنا سوريون, ما الذي يمنع اختلاطنا وتزاوجنا بشكل كامل. من شاء زواجا مدنياً تزوج مدنياً, ومن اختار زواجا دينياً تزوج دينياً، كما يحدث في كل العالم. ولكن من يعترض على هذا هم تجار الدين والتعصب، ومن ينظر للآخر بكره غيبي وعنصري وأفكار قبلية أو عشائرية وحقد بعيد كل البعد عن فلسفة وطهارة الدين، ماذا يمنع السوري المسيحي من الزواج من مسلمة أو العكس. كلنا سوريون, والسوريون أمة واحدة".
ضمان لحقوق الأفراد
وللوقوف على الجوانب القانونية المتعلقة بالموضوع التقت سيريانيوز المحامية دعد موسى التي عرفت الزواج المدني بالقول "الزواج المدني هو عقد ينظم العلاقة بين رجل وامرأة على أساس مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في كافة الأمور المتعلقة بشروط انعقاد الزواج والعلاقات الأسرية، حيث يكون لهما نفس الحقوق في عقد الزواج و حرية اختيار الزوج ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه،نفس الحقوق فيما يتعلق بالأطفال من حيث الإنجاب والولاية والقوامة والوصاية والحضانة، وفي الملكية وإدارة ممتلكات الأسرة والتصرف بها.
فالنساء والرجال لهم الحق كمواطنين في اختيار الشريك بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو المذهب أو الاثنية ويتم ذلك وفق عقد مدني يخضع الزواج,في شروط انعقاده وكل ما يتعلق من حقوق وواجبات أثناء قيام الحياة الزوجية واستمراريتها وانتهائها لأحكام القانون المدني، ويوثق لدى الدوائر الحكومية أو أمام موظف حكومي مختص أو أمام محكمة البداية المدنية".
ورأت موسى أن "تطبيق هذ النوع من الزواج حالياً أمر يحتاج إلى عمل شاق وجهد مستمر وعلمي ومنهجي للوصول إلى قوانين مدنية عادلة لا تمييزية تقوم على أسس المواطنة وحقوق الإنسان ولا تستند إلى أسس دينية وطائفية".
وبنفس الوقت أيدت موسى الزواج المدني فقالت "أنا مع الزواج المدني شرط وجود قوانين مدنية تنظم حقوق أطرافه على أسس المواطنة وحقوق الإنسان وحق اختيار الشريك بدون قيود، مع ضمان حقوق أطراف العقد المتساوية منذ بدء تنظيمه وخلال الحياة الزوجية وعند انتهائها، لأنه يضمن الحقوق الوالدية لكلا الطرفين وتكون حقوق الطفل مراعاة على أساس مصالحه الفضلى حتى لا يكون الأطفال هم الضحية نتيجة للخلافات الزوجية كما وأن الزواج المدني هو حل لكثير من المسائل الشائكة والتي تتعلق بالزواج المختلط، وأوضح أنه ليس هناك ما يمنع من وجود زواج مدني ويكون هو الأصل وزواج ديني مكمل إذا شاء الزوجين ذلك".
الوضع الراهن
وأوضحت موسى أن الزواج المدني غير مطبق على السوريين في القوانين الحالية التي تستند إلى أسس دينية إسلامية أو مسيحية هو زواج (شرعي ,مذهبي ,روحي..كنسي)،حيث يحكم قانون الأحوال الشخصية في سورية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 95 لعام 1953 مع تعديلاته الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية والقانون، بدءاً من الخطوبة ثم الزواج والولادة وكل ما يتعلّق بأمور الولادة والطلاق والوصية والمواريث ويستند في أحكامه إلى الشريعة الإسلامية ويستثنى من تطبيق أحكام هذا القانون بعض المسائل المتعلقة بالطوائف المسيحية واليهودية والطائفة الدرزية وفق ما نصت عليه المواد /306/ و /307/ و /308/، فالطائفة الدرزية في سورية لديها أحكام خاصة بالزواج وكل ما يتعلق به وما يترتب عليه من آثار وتختص المحكمة المذهبية للطائفة الدرزية في مدينة السويداء بالنظر في قضايا الزواج، أمّا بخصوص الطوائف المسيحية فقد نصت المادة 308 من قانون الأحوال الشخصية على "يطبق بالنسبة للطوائف المسيحية ما لدى كل طائفة من أحكام تشريعية دينية تتعلق بالخطبة وشروط الزواج وعقده والمتابعة والنفقة الزوجية ونفقة الصغير وبطلان الزواج وحله وانفكاك رباطه".وتنظر المحاكم الروحية المختصة لدى كل طائفة من الطوائف المسيحية في المواضيع المنصوص عليها في المادّة أعلاه .
وتابعت"
فالزواج وجميع قضايا الأحوال الشخصية وما ينجم عنها من حقوق زوجية ونسب وحقوق الأطفال والميراث تستند إلى أسس دينية وطائفية ومذهبية،فالمسلمون يتزوجون أمام المحاكم الشرعية وعلى أساس الشريعة الإسلامية والمذهب الحنفي تحديدا، والمسيحيون يتزوجون في الكنائس كل حسب طائفته وتنظر المحاكم الروحية وفقا لأسس دينية في قضايا الزواج وأثاره وانحلاله على أساس انه سر قدس من أسرار الكنيسة،
والمسلمون الدروز يتزوجون أمام المحكمة المذهبية في السويداء وفقا للمذهب الدرزي حصراَ،لذا جميع معاملات وعقود الزواج أينما وقعت ترسل إلى سجلات الأحوال المدنية من اجل التسجيل وهي ملزمة بالقرارات الصادرة عن المحاكم الشرعية,الروحية,المذهبية.
ولفتت موسى إلى بعض حالات الزواج التي تقع فقالت"يحق للمسلم الزواج بكتابية شرعاً، ولكن زواج المسلمة بغير المسلم باطل ولا يترتب عليه أي أثر لو تم خارج القطر، وزواج الدرزي أو الدرزية من مسلم يتطلب تغيير المذهب وهذا يتم أمام المحكمة الشرعية وهو جائز ويحصل في الواقع".
منقوووول
نور عكة ـ سيريانيوز بعد الجدل الذي أثارته فكرة الزواج المدني في باب مثير للجدل بين مؤيد له انطلاقا من حرية الفرد واحترام حق المواطنة وبين رافض على اعتبار انه يقصي الدين عن حياتنا وفيه تقليد اعمى للغرب، لا يناسب خصوصية مجتمعنا.
أعدت سيريانيوز
عرضاً لأهم الأفكار التي قدمها الضيوف والمعلقين واستعانت برأي المحامية دعد موسى حيث رأت ان إشكالية الزواج المدني "تحتاج إلى عمل شاق وجهد مستمر وعلمي ومنهجي للوصول إلى قوانين مدنية عادلة لا تمييزية تقوم على أسس المواطنة وحقوق الإنسان ولا تستند إلى أسس دينية وطائفية".
شريعة ثابتة لا تتغير
نائب عميد كلية الشريعة للشؤون الإدارية توفيق البوطي أكد خلال تناوله للموضوع أنه" عندما يتم مناقشة مسألة على جانب من الأهمية وتمس المجتمع والنظام والقانون، فيجب أن نكون موضوعيين ، وأن نتجرد عن الذاتية في القرار، فالزواج ينبغي أن يكون باب من أبواب قانون الأحوال الشخصية ويراعي الأحكام الدينية لكل طائفة، وأي تجاوز على ذلك هو تجاوز على الهوية التي تنتمي لها هذه الأمة بمختلف أطيافها فأي فئة من أطياف الوطن يجب أن يراعي قانون الأحوال الشخصية الأحكام الدينية التي تخصها فيما يتعلق بأمور الزواج والطلاق، وتجاهل هذا سيؤدي لنتائج سلبية على وحدة الوطن وتعدد الأطياف التي تضمه فنحن نعتبر أن هذا التعدد غنى في الوطن وتعايش مثالي يظهر من خلال هذا التعاون ولكن قضية نظام الأسرة قضية لها خلفيتها الدينية التي تعود لمعتقد وهوية ودين الأمة أياً كان، ونحن بغنى عن إثارة مشكلة قد تصبح لها انعكاسات سلبية عندما نتجاوز هذه المعايير، فالزواج المدني يتجاوز بعض شروط الزواج في الشريعة الإسلامية و بعض الضوابط التي في الأديان الأخرى".
وبعد قراءته لتعليقات القراء المعارضة لأفكاره والتي تعتبر الزواج المدني تقديس حق الفرد في اختيار شريك حياته، والمعتقدات التي كانت تناسبنا منذ القديم يجب تغييرها بحكم التطور رد بالقول "قانون الأحوال الشخصية يعود لثوابت وليس متغيرات لذا لا يمكن الحديث عن أن القانون الحالي هو قانون يبلغ عمره خمسون عاماً ولا يلاءم طبيعة حياتنا ويحتاج لمواكبة التغيرات التي طرأت على المجتمع، فهو مستمد من شريعة راسخة لا تتغير".
ووجه رسالة للعلمانيين قال فيها " علمانية ، هذه الكلمة إذا كانت مشتقة من العلم فأنا مستعد للاحتكام للعلم . وهل أسمى من الاحتكام لميزان العلم!،أما إن كانت العلمانية مجرد حكم سابق يصنف الناس على أساسه وفق معايير فرضها واضعوها إلى متنورين وظلاميين فمن وافقهم فهو متنور ومن خالفهم فهو ظلامي! إنني أرفض أن أبيع عقلي وكرامتي لمثل هذا الميزان".
الرفض يستبطن المشكلات ولا يحلها
وبالمقابل كان لمدير تحرير مجلة ثرى الصحفي يحيى الأوس وجهة نظر مخالفة
فقال"الزواج المدني هو اتفاق واضح بين طرفين يعرفان حقوقهما وواجباتهما وما يترتب عليهما من نتائج وبذلك يضمن عدم التعدد وعدم الوصاية وغياب للمهر
وأيضاً يضمن عدم زواج الصغيرات دون الـ18 سنة ،
فهو زواج بصيغة إنسانية راقية جدا تقوم على تلاقي الإرادات والتوافق وليس على مبدأ الالتزام بدين معين وواجب الارتباط بفتاة من نفس الدين،
فكيف يمكن الحديث عن وحدة وطنية ونحن نحرم السوريين من حق أصيل هو التمتع بحريتهم
فالمسالة شائكة والوحدة الوطنية لا يهزها زواج مدني
فهو يهز سلطة رجال الدين لحد ما،
فالأفكار المدنية تقوم على فصل المجال الديني عن المجال الحكومي
ولا يمكن الادعاء أننا مهيأين لذلك ولكن يجب وضع الدين في مكانه ووضع الدولة بمكانها
فهذا التداخل الشديد بين الدين والدولة لا يخلق استقرار بعيد الأجل
بل اتفاق مؤقت فلا بد من أن يتم صهر المواطنة بغض النظر عن الدين".
وبعد إطلاعه على تعليقات القراء الرافضة للزواج المدني رد بالقول"
أعتقد أن السؤال الذي يجب علينا جميعاً التوقف عنده هو: هل خفف غياب التشريع الناظم لهذا النوع من الزيجات من أعدادها؟ وهل سيدفع أي تشريع محتمل بنا نحو التزاوج من خارج طوائفنا بلا قيد أو شرط؟.في الحقيقة غياب التشريع لم يفعل سوى أنه أجل مشكلاتنا وراكمها، فالزيجات المختلطة تحدث رغم غياب التشريع بينما نستمتع بمعاناة أصحابها، وحضور التشريع لن يؤجج سعير هذه الزيجات كما يتخيل البعض لأن المسألة قبل هذا وذاك تحتاج منا أن نعترف بأننا أبناء وطن واحد وكل ما هو دون ذلك مجرد تفاصيل".
القراء يعرضون تجاربهم
ضمت تعليقات القراء تجارب شخصية لأشخاص قاموا بالزواج من أديان مختلفة،
ولكنهم إلى الآن لم يجدوا المخرج القانوني
فيقول سيمون(أحد المعلقين)"
تزوجت من مسلمة سورية في أوروبا و برضى الأهل
"إن جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه", ولأن الإسلام اعترف بالمسيحية
ولأن أهل زوجتي ارتضوا خلقي,
زوجوني ابنتهم شرعاً بالخارج ورزقني الله ثلاثة أطفال، ولكن المشكلة أني أردت العودة للبلد و عند تسجيل أبنائي فوجئت أن خانة الأم لأولادي (مجهولة)
أي أن الدولة لم تعترف بزواجي ولكن اعترفت بنتائجه (أولادي)
ولا أدري كيف أن القانون يعترف بنتيجة دون مسببها!،
هذا ما اضطرني للهجرة من جديد، وعندما قصصت ماجرى معي لأصدقائي بالخارج ضحكوا طويلاً .
.ماذا أفعل؟؟".
أما بنت الساحل ( معلقة) روت قصتها فقالت
" أنا مسلمة ومتزوجة من مسيحي منذ 21 سنه ولدينا 3اولاد من المتفوقين في مدارسهم والحمدلله،
حياتنا من أحلى وأروع ما يكون ،أحترم خصوصية دين زوجي وبالنسبة لأولادنا لا يوجد أي مشكلة لأننا ربيناهم على أننا كلنا مسلمون لرب العالمين، منا من أسلم لله بالقرآن،
ومنا من أسلم لله بالانجيل، وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وأرضنا إلا اليهود ولكن المشكلة الكبرى في من حولنا من البشر فنحن تربينا على هذا ولكن للأسف عندما ترى شعبنا المسيحي والمحمدي كيف يتصرفون مع بعضهم بالفعل شئ مؤلم جداً ومخجل حقا".
ولم تخل التعليقات من تناول نماذج لحالات زواج بين أديان مختلفة انتهت بالطلاق بسبب اختلاف الأديان، أو عاشت في ظل الصراع على الأولاد حيث يحاول كل من الأب والأم جذبهم إلى ناحية دينه والنتيجة هي أسرة مفككة ومشتتة.
الزواج المدني لا يناسبنا
الكثير من التعليقات لم تقف بوجه الزواج المدني رغبة بمعارضته فقط بل كونه لا يناسب طبيعة المجتمع لسوري ويحتاج لكثير من الوقت لقبوله فتقول سما (معلقة)" قبل التهجم على الدين يجب ألا نتناسى ويغيب عنا المشاكل والجرائم التي نسمع بها نتيجة الزواج بين أشخاص من أديان مختلفة, لأننا مجتمع حتى الآن لا يتقبل هذه الفكرة وبالتالي نحن لا نتحدث عن تخلف أو تعصب وإنما عن طبيعة قائمة بمجتمعنا وهي حقيقة وجود أديان مختلفة وطوائف متنوعة وكل منها لا يقبل الزواج من غير دين أو طائفة والقضية لا تتعلق بالدين الإسلامي بشكل خاص ولا داعي للتهجم عليه بهذه الطريقة. يجب مناقشة الموضوع مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة مجتمعنا".
وأيدها بذلك المعلق باسم محام مخضرم فقال"إن تطبيق الزواج المدني بمجتمعنا لم ولن ينجح ، فبصراحة تامة الأخوة الدروز يستحيل أن يعطوا بناتهم لغير طائفتهم بتشريع أو غيره،والأخوة المسيحيون يرفضون إعطاء المسلم بنتهم ومن فعلت ذلك قوطعت من أهلها ، والمسلمون لا يعطون بناتهم لمسيحي أو درزي وإذا فعلت اعتبروها خرجت من الملة وكفرت، وإذا فتحنا ملف الأولاد الذين سيأتون من هذا الزواج والعقد النفسية والمشاكل اليومية من أهل المرأة والزوج فحدث ولا حرج فهم يعتبرونهم أولاد الخطيئة، أنا لا أتحدث من فراغ فلدي ولديكم أمثلة حية ولنكن واقعيين هذا واقعنا المعاش فلماذا المكابرة بالمحسوس والتغريد خارج السرب!".
حرية الاختيار
بعض المعلقين وجدوا أن السماح بتغيير الأديان سيكون حل للمشكلة دون أن يترتب على ذلك ذلك أي أخطار لمن يقوم بتغيير دينه فيقول عزام(معلق)"إن كان كل من الزوجين ملتزم بدينه ويحترم دين الآخر فهل يستطيع المسلم إيقاف علاقته الزوجية بزوجته لمدة 48 يوم عندما تقوم بالصيام!!!وهل يحترم ذلك؟، باعتقادي ذلك صعب ولكن عندما تباح إمكانية تغيير الأديان دون أن يلحق الأذى بأي شخص يغير دينه، اعتقادي أنه حل مناسب، وبالنسبة لي شخصياً أنا ضد زواج بين الأديان المختلفة".
ووجد البعض أن إعلاء قيمة المواطنة السورية على كل شئ هي الحل، والمساواة في الحقوق والواجبات سبيلنا لبناء مجتمع مدني فيقول أحمد بسمار (معلق)" في كل بلاد العالم تعتمد المواطنة على مكان المولد والشعور المشترك. وليست على العرق أو الدين. ما عدا في البلاد العربية. وبرأي بما أننا كلنا سوريون, ما الذي يمنع اختلاطنا وتزاوجنا بشكل كامل. من شاء زواجا مدنياً تزوج مدنياً, ومن اختار زواجا دينياً تزوج دينياً، كما يحدث في كل العالم. ولكن من يعترض على هذا هم تجار الدين والتعصب، ومن ينظر للآخر بكره غيبي وعنصري وأفكار قبلية أو عشائرية وحقد بعيد كل البعد عن فلسفة وطهارة الدين، ماذا يمنع السوري المسيحي من الزواج من مسلمة أو العكس. كلنا سوريون, والسوريون أمة واحدة".
ضمان لحقوق الأفراد
وللوقوف على الجوانب القانونية المتعلقة بالموضوع التقت سيريانيوز المحامية دعد موسى التي عرفت الزواج المدني بالقول "الزواج المدني هو عقد ينظم العلاقة بين رجل وامرأة على أساس مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في كافة الأمور المتعلقة بشروط انعقاد الزواج والعلاقات الأسرية، حيث يكون لهما نفس الحقوق في عقد الزواج و حرية اختيار الزوج ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه،نفس الحقوق فيما يتعلق بالأطفال من حيث الإنجاب والولاية والقوامة والوصاية والحضانة، وفي الملكية وإدارة ممتلكات الأسرة والتصرف بها.
فالنساء والرجال لهم الحق كمواطنين في اختيار الشريك بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو المذهب أو الاثنية ويتم ذلك وفق عقد مدني يخضع الزواج,في شروط انعقاده وكل ما يتعلق من حقوق وواجبات أثناء قيام الحياة الزوجية واستمراريتها وانتهائها لأحكام القانون المدني، ويوثق لدى الدوائر الحكومية أو أمام موظف حكومي مختص أو أمام محكمة البداية المدنية".
ورأت موسى أن "تطبيق هذ النوع من الزواج حالياً أمر يحتاج إلى عمل شاق وجهد مستمر وعلمي ومنهجي للوصول إلى قوانين مدنية عادلة لا تمييزية تقوم على أسس المواطنة وحقوق الإنسان ولا تستند إلى أسس دينية وطائفية".
وبنفس الوقت أيدت موسى الزواج المدني فقالت "أنا مع الزواج المدني شرط وجود قوانين مدنية تنظم حقوق أطرافه على أسس المواطنة وحقوق الإنسان وحق اختيار الشريك بدون قيود، مع ضمان حقوق أطراف العقد المتساوية منذ بدء تنظيمه وخلال الحياة الزوجية وعند انتهائها، لأنه يضمن الحقوق الوالدية لكلا الطرفين وتكون حقوق الطفل مراعاة على أساس مصالحه الفضلى حتى لا يكون الأطفال هم الضحية نتيجة للخلافات الزوجية كما وأن الزواج المدني هو حل لكثير من المسائل الشائكة والتي تتعلق بالزواج المختلط، وأوضح أنه ليس هناك ما يمنع من وجود زواج مدني ويكون هو الأصل وزواج ديني مكمل إذا شاء الزوجين ذلك".
الوضع الراهن
وأوضحت موسى أن الزواج المدني غير مطبق على السوريين في القوانين الحالية التي تستند إلى أسس دينية إسلامية أو مسيحية هو زواج (شرعي ,مذهبي ,روحي..كنسي)،حيث يحكم قانون الأحوال الشخصية في سورية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 95 لعام 1953 مع تعديلاته الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية والقانون، بدءاً من الخطوبة ثم الزواج والولادة وكل ما يتعلّق بأمور الولادة والطلاق والوصية والمواريث ويستند في أحكامه إلى الشريعة الإسلامية ويستثنى من تطبيق أحكام هذا القانون بعض المسائل المتعلقة بالطوائف المسيحية واليهودية والطائفة الدرزية وفق ما نصت عليه المواد /306/ و /307/ و /308/، فالطائفة الدرزية في سورية لديها أحكام خاصة بالزواج وكل ما يتعلق به وما يترتب عليه من آثار وتختص المحكمة المذهبية للطائفة الدرزية في مدينة السويداء بالنظر في قضايا الزواج، أمّا بخصوص الطوائف المسيحية فقد نصت المادة 308 من قانون الأحوال الشخصية على "يطبق بالنسبة للطوائف المسيحية ما لدى كل طائفة من أحكام تشريعية دينية تتعلق بالخطبة وشروط الزواج وعقده والمتابعة والنفقة الزوجية ونفقة الصغير وبطلان الزواج وحله وانفكاك رباطه".وتنظر المحاكم الروحية المختصة لدى كل طائفة من الطوائف المسيحية في المواضيع المنصوص عليها في المادّة أعلاه .
وتابعت"
فالزواج وجميع قضايا الأحوال الشخصية وما ينجم عنها من حقوق زوجية ونسب وحقوق الأطفال والميراث تستند إلى أسس دينية وطائفية ومذهبية،فالمسلمون يتزوجون أمام المحاكم الشرعية وعلى أساس الشريعة الإسلامية والمذهب الحنفي تحديدا، والمسيحيون يتزوجون في الكنائس كل حسب طائفته وتنظر المحاكم الروحية وفقا لأسس دينية في قضايا الزواج وأثاره وانحلاله على أساس انه سر قدس من أسرار الكنيسة،
والمسلمون الدروز يتزوجون أمام المحكمة المذهبية في السويداء وفقا للمذهب الدرزي حصراَ،لذا جميع معاملات وعقود الزواج أينما وقعت ترسل إلى سجلات الأحوال المدنية من اجل التسجيل وهي ملزمة بالقرارات الصادرة عن المحاكم الشرعية,الروحية,المذهبية.
ولفتت موسى إلى بعض حالات الزواج التي تقع فقالت"يحق للمسلم الزواج بكتابية شرعاً، ولكن زواج المسلمة بغير المسلم باطل ولا يترتب عليه أي أثر لو تم خارج القطر، وزواج الدرزي أو الدرزية من مسلم يتطلب تغيير المذهب وهذا يتم أمام المحكمة الشرعية وهو جائز ويحصل في الواقع".
منقوووول
Comment