مع دخولنا موسم الأعياد ابتعد عن السياسة واهتم بالحسن الذي تتغير مقاييسه من جيل الى جيل، إلا أن الأساس واحد. فالجمال هو ما يبقى من المرأة بعد غسل وجهها، وقد رأيت عارضات أزياء من النوع »السوبر» على شاطئ البحر، وقد غسل الماء جمالهن فلم يبق سوى القوام الممشوق.
أفكر بالجمال، وتحديداً بالجميلات، دائماً، وفكرت في كتابة شيء عنه بعد أن تلقيت رواية جديدة من تأليف الكاتبة الشابة زادبي سميث عنوانها »عن الجمال»، غير أن الرواية كانت عن جامعة ليبرالية في شرق الولايات المتحدة وايطاليا من اساتذة وزوجات وأبناء.
وعدت أبحث عن الجمال ووجدت عنه قصتين مختلفتين الى حد التناقض.
كلوديا دي الويس بنت صغيرة سقطت من شرفة على رأسها، وراحت في غيبوبة كاملة عشرة أيام، قبل أن تسمع أغنية »أنت جميلة» للمغني جيمس بلانت، وهي أغنيتها المفضلة، فبدأت تتحرك. وأُسمعت الأغنية مرة ثانية وثالثة، وأخذت صحتها تتحسن في شكل أذهل الأطباء.
لورا مراهقة متوسطة الجمال، إلا أنها ليست قبيحة، غير أنها تعتقد بأنها قبيحة، لذلك فهي تفضل عدم الخروج من بيتها، واذا خرجت تقضي ساعات في الاستحمام والزينة لمواجهة الناس في الخارج، وقرأت أرقاماً بريطانية تقول أن واحداً من عشرة مراهقين يعاني من خوف مرضي من القبح، وأن الأمراض النفسية ذات العلاقة ازدادت في ربع القرن الأخير مع زيادة ضغوط الحياة اليومية.
لا أعتقد بأن في البلدان العربية دراسات مماثلة، ولكن، أرجح أن عندنا مشاكل مماثلة تنتظر من يعالجها.
في غضون ذلك أبحث عن الجمال وأجده أندر من بيض الأنْوَق (هذه عبارة قديمة تعني انه نادر الى غير موجود)، فالقبح أكثر، وأمس رأيت امرأة شكلها جعل ساعتي المقاومة للصدمات تصدم بها.
أعتقد بأنه لا توجد امرأة بشعة، وإنما هناك نساء لا يعرفن كيف يتزين، مع قلة من نوع »فالج لا تعالج» فهناك التي تذهب الى صالون التزيين الثلثاء وتعود الجمعة.
ولا أعترض على جمال أو قبح، وإنما اتعامل مع الموضوع أكاديمياً، وأقول، إن أكثر ما يزعج في الموضوع هو التي تعتقد بأنها أجمل كثيراً مما هي في الواقع وتتصرف كأنها كلوديا شيفر. وسأل رجل واحدة من هؤلاء: هل قال لك أحد يوماً أنك جميلة الجميلات؟ وردت: لا. وقال: لماذا تتصرفين إذاً كأنك أجمل النساء؟
هناك واحدة فيها كل شيء من صفات الطاووس ما عدا الجمال، أي من النوع السابق، وقد سمعت عن راقصة »ستربتيز» من القبح أن المتفرجين كانوا يصفقون لها لترتدي ملابسها.
شخصياً، فاتني القطار ولم أعد أخاف أن أُخدع، ولكن أحذِّر كل شاب مقبل على الزواج من كلام الخاطبة، فهي اذا قالت إن العروس المقترحة صاحبة شخصية جذابة فمعنى ذلك انها ليست جميلة. وكنت سمعت خاطبة تقول، صادقة، إن عندها بنتاً هي أجمل اخواتها. ورأيت البنت واخواتها، وكانت أجملهن فعلاً، ولكن بالنظر الى مستوى جمال العائلة، فأنا أجمل من الأخوات.
كنت بعد أن بحثت عن الجمال ووجدت عكسه قررت أن أعمل »على المضمون» وشاهدت حفلة اختيار ملكة جمال العالم في التلفزيون ووجدت الجمال وأكثر منه الضحك على العقول، كل بنت من كل بلد قالت أنها تريد أن تنشر السلام في العالم، وأنها تصر على مكافحة الأمراض، خصوصاً الايدز والملاريا، والقضاء على الفقر. ولم يبقَ سوى أن تتعهد بحل قضية الشرق الأوسط، واقناع ايران بالتخلي عن برنامجها النووي.
طبعاً هناك من يلقن البنات ما يجب قوله، لأن الحكام لا يريدون جمالاً فقط، وإنما بعض العقل، وهم ينتهون أمام جميلات كل واحدة منهن تزعم أنها خليط من ألبرت اينشتاين والأم تيريزا.
الجميلة لا تحتاج الى اجهاد نفسها بنشر السلام أو قهر الايدز، إذ يكفيها أن تكون جميلة، غير أن العاطلة (كلمة فصحى تعني خالية من الزينة) في حاجة الى جهد أكبر لتلقى قبولاً أقل من الحسناء، وهذه من دون جهد.
الجيش الانكليزي يقسم القبيحات الى كيس وكيسين. وشرح ذلك أن هناك قبيحة تحتاج الى وضع كيس ورقي على رأسها لتخفي وجهها، وهناك قبيحة جداً يحتاج الناظر معها الى كيسين، واحد على رأسها، والآخر على رأسه في حال سقط الكيس الأول عن رأسها. وربما كانت أضمن طريقة مع هذه وتلك استعمال قناع واقٍ من الغاز السام.
إذا لم يكن كيس أو قناع، فالأفضل أن تتزوج البنت رجلاً قصير النظر. وكلمة جد واحدة فقصير النظر وحده هو الذي يتزوج امرأة لأنها جميلة، ويهمل كل صفة أخرى، فالجمال زائل لا محالة وتبقى الصفات الأخرى، من حسن اخلاق ولطف معشر وعقل وصبر وما اليها.
الغواني يغرهن الثناء، وكانت هناك واحدة لم تسمع صفير المعاكسة في حياتها، وعندما سمعته وادارت وجهها وجدت أنه صفير قطار أخذها معه.
وأخيراً، فقد فرك قريب شاب يديه فرحاً وهو يقول إن الخاطبة وعدته بعروس كأنها ملاك نازل من السماء. ورأيته بعد ذلك فقال إنها ربما كانت ملاكاً، ولكن من المؤسف أنها هبطت على وجهها.
أفكر بالجمال، وتحديداً بالجميلات، دائماً، وفكرت في كتابة شيء عنه بعد أن تلقيت رواية جديدة من تأليف الكاتبة الشابة زادبي سميث عنوانها »عن الجمال»، غير أن الرواية كانت عن جامعة ليبرالية في شرق الولايات المتحدة وايطاليا من اساتذة وزوجات وأبناء.
وعدت أبحث عن الجمال ووجدت عنه قصتين مختلفتين الى حد التناقض.
كلوديا دي الويس بنت صغيرة سقطت من شرفة على رأسها، وراحت في غيبوبة كاملة عشرة أيام، قبل أن تسمع أغنية »أنت جميلة» للمغني جيمس بلانت، وهي أغنيتها المفضلة، فبدأت تتحرك. وأُسمعت الأغنية مرة ثانية وثالثة، وأخذت صحتها تتحسن في شكل أذهل الأطباء.
لورا مراهقة متوسطة الجمال، إلا أنها ليست قبيحة، غير أنها تعتقد بأنها قبيحة، لذلك فهي تفضل عدم الخروج من بيتها، واذا خرجت تقضي ساعات في الاستحمام والزينة لمواجهة الناس في الخارج، وقرأت أرقاماً بريطانية تقول أن واحداً من عشرة مراهقين يعاني من خوف مرضي من القبح، وأن الأمراض النفسية ذات العلاقة ازدادت في ربع القرن الأخير مع زيادة ضغوط الحياة اليومية.
لا أعتقد بأن في البلدان العربية دراسات مماثلة، ولكن، أرجح أن عندنا مشاكل مماثلة تنتظر من يعالجها.
في غضون ذلك أبحث عن الجمال وأجده أندر من بيض الأنْوَق (هذه عبارة قديمة تعني انه نادر الى غير موجود)، فالقبح أكثر، وأمس رأيت امرأة شكلها جعل ساعتي المقاومة للصدمات تصدم بها.
أعتقد بأنه لا توجد امرأة بشعة، وإنما هناك نساء لا يعرفن كيف يتزين، مع قلة من نوع »فالج لا تعالج» فهناك التي تذهب الى صالون التزيين الثلثاء وتعود الجمعة.
ولا أعترض على جمال أو قبح، وإنما اتعامل مع الموضوع أكاديمياً، وأقول، إن أكثر ما يزعج في الموضوع هو التي تعتقد بأنها أجمل كثيراً مما هي في الواقع وتتصرف كأنها كلوديا شيفر. وسأل رجل واحدة من هؤلاء: هل قال لك أحد يوماً أنك جميلة الجميلات؟ وردت: لا. وقال: لماذا تتصرفين إذاً كأنك أجمل النساء؟
هناك واحدة فيها كل شيء من صفات الطاووس ما عدا الجمال، أي من النوع السابق، وقد سمعت عن راقصة »ستربتيز» من القبح أن المتفرجين كانوا يصفقون لها لترتدي ملابسها.
شخصياً، فاتني القطار ولم أعد أخاف أن أُخدع، ولكن أحذِّر كل شاب مقبل على الزواج من كلام الخاطبة، فهي اذا قالت إن العروس المقترحة صاحبة شخصية جذابة فمعنى ذلك انها ليست جميلة. وكنت سمعت خاطبة تقول، صادقة، إن عندها بنتاً هي أجمل اخواتها. ورأيت البنت واخواتها، وكانت أجملهن فعلاً، ولكن بالنظر الى مستوى جمال العائلة، فأنا أجمل من الأخوات.
كنت بعد أن بحثت عن الجمال ووجدت عكسه قررت أن أعمل »على المضمون» وشاهدت حفلة اختيار ملكة جمال العالم في التلفزيون ووجدت الجمال وأكثر منه الضحك على العقول، كل بنت من كل بلد قالت أنها تريد أن تنشر السلام في العالم، وأنها تصر على مكافحة الأمراض، خصوصاً الايدز والملاريا، والقضاء على الفقر. ولم يبقَ سوى أن تتعهد بحل قضية الشرق الأوسط، واقناع ايران بالتخلي عن برنامجها النووي.
طبعاً هناك من يلقن البنات ما يجب قوله، لأن الحكام لا يريدون جمالاً فقط، وإنما بعض العقل، وهم ينتهون أمام جميلات كل واحدة منهن تزعم أنها خليط من ألبرت اينشتاين والأم تيريزا.
الجميلة لا تحتاج الى اجهاد نفسها بنشر السلام أو قهر الايدز، إذ يكفيها أن تكون جميلة، غير أن العاطلة (كلمة فصحى تعني خالية من الزينة) في حاجة الى جهد أكبر لتلقى قبولاً أقل من الحسناء، وهذه من دون جهد.
الجيش الانكليزي يقسم القبيحات الى كيس وكيسين. وشرح ذلك أن هناك قبيحة تحتاج الى وضع كيس ورقي على رأسها لتخفي وجهها، وهناك قبيحة جداً يحتاج الناظر معها الى كيسين، واحد على رأسها، والآخر على رأسه في حال سقط الكيس الأول عن رأسها. وربما كانت أضمن طريقة مع هذه وتلك استعمال قناع واقٍ من الغاز السام.
إذا لم يكن كيس أو قناع، فالأفضل أن تتزوج البنت رجلاً قصير النظر. وكلمة جد واحدة فقصير النظر وحده هو الذي يتزوج امرأة لأنها جميلة، ويهمل كل صفة أخرى، فالجمال زائل لا محالة وتبقى الصفات الأخرى، من حسن اخلاق ولطف معشر وعقل وصبر وما اليها.
الغواني يغرهن الثناء، وكانت هناك واحدة لم تسمع صفير المعاكسة في حياتها، وعندما سمعته وادارت وجهها وجدت أنه صفير قطار أخذها معه.
وأخيراً، فقد فرك قريب شاب يديه فرحاً وهو يقول إن الخاطبة وعدته بعروس كأنها ملاك نازل من السماء. ورأيته بعد ذلك فقال إنها ربما كانت ملاكاً، ولكن من المؤسف أنها هبطت على وجهها.
جهاد الخازن
Comment