نشأت جوليا بطرس في بيت علماني ولم تكبر على الطائفية التي تؤثث للبنان لجوليا بطرس وجه ساحر يمتلئ أنوثة
لكنها لم توظفه لغير مبادئها وتربيتها الدافئة عروبة وإباءا هي مسيحية مارونية من مرجعيون، لكنها شربت العروبة والوطن فتغنت للإنسان وعذاباته آماله وآلامه
كان من الممكن لجوليا بطرس بقدها وجمالها أن تساير واقع وانتظارات الساحة الفنية العربية
كان لديها الخيار لأن تسلك طرقا واختيارات فنية مغايرة، أي أن تكون جوليا بطرس أخرى غير جوليا بطرس التي تعجبنا تفاصيل وجهها حين تنطلق صادحة بأغانيها، تقول : "بقرار مني وتأثير تربيتي عليَّ والمحيط الذي تربيت فيه والمبادئ التي تربيت عليها سلكت الخط الفني الذي عرفت به أنا أعرف أين أنا الآن، بحيث تبدو خطواتي ثابتة بالأرض وقراراتي لاتردد فيها أجعل من الأبيض أبيضا، والأسود أسودا، لأجل أن أتحمل مسؤولية قراراتي"
لكنها قبل ذلك تصمت قليلا، قبل أن تعلن بلهجة لبنانية خفيفة : "شخصيتي نعمة من الله، وأنا عرفت منذ البداية كيف أختار »الصح من الغلط"
تعلن جوليا بطرس عن مواقفها من دون مواربة أو تردد لقد "اشرأبت الخلاعة« في المجال الفني، تلخص جوليا لرأيها بصدد الواقع الفني على صعيد تشجيع التفاهة والدفع بها
وهي لاتتردد في الإشارة إلى مواطن الضعف والأسباب : "الخطأ في الفنانين ووسائل الإعلام وشركات الإنتاج".
تنطلق جوليا بطرس عبر المشهد العربي واصفة ومحللة : »الناس تعودت أن تشاهد وتسمع أخبار الانفجارات والقتلى والجرحى الأخبار والمشاهد صارت مكرورة ومعادة
وقد كنا قبل هذا نعطي للإنسان قيمته ونتعاطف معه ونحمل همه ومآسيه، أما اليوم فقد عودوا المشاهد والمتلقي العربي على مشاهد وأخبار المجازر، حتى صار عاديا أن تفتح التلفزيون لتشاهد مجزرة بمخيم بالضفة والقطاع أو بالعراق، ثم تغير الوجهة في خفة آلة التحكم عن بعد إلى فضائية أخرى لتتابع فيلما أو »تستمتع« بمشاهد أغنية مصورة.
هذا هو الجو العام الذي صار يحكم المتلقي العربي، في الغالب والمفارقة أنك إذا تعودت على مشاهد الدمار والقتل فستتعود على مشاهد العري، أيضا
أي أن تصير كائنا يتابع المتناقضات على صعيد المشاهدة من دون رد فعل وبسلبية غريبة" لجوليا بطرس مواقف لا تحيد عنها ومبادئ تدافع عنها بعزيمة لاتلين هي لاتهادن ولاتختبئ خلف الخوف من أن تفهم مواقفها على خلاف مايبني للواقع الفني فتمنع من هذه الدولة أو تلك أو هذه القناة أو تلك انتصرت للمقاومة ودفعت بمواقفها نحو إحراج من يحاول جرها نحو مواقع أخرى للتساهل والصمت
"أنا مع المواقف إلى أن يعطونا بدائل أخرى«، كما قالت في حوار أخير مع فضائية الجزيرة
تؤكد جوليا بطرس أن لاشيء لديها لتخسره وأن لا حسابات في حياتها
تقول : »أذهب مع رأيي إلى آخر الطريق ولا أتأخر في ردة الفعل"
جرت العادة ألا يتجرّأ فنان عربي على انتقاد الأنظمة العربية
هو "يخشى أن يكتب اسمه على اللائحة السوداء المستبعدة من أي نشاط فنّي يُقام في البلد المقصود
جوليا، أساساً، لا تقيم حفلات كثيرة في البلاد العربية، فضلاً عن أن أغانيها ليست »شعبية« بالمقاييس المتعارف عليها في »سوق« الأغاني العربية
أغانيها المنتشرة في كل شارع عربي، تحمل مستوى فنياً ينطلق من الاستجابة الثقافية للفن لا من الاستجابة »الراقصة« له، وهذا ما يعطي مسيرتها وقعاً مختلفاً، أكثر نظافة وغنى وعمقاً«، كما كتب عنها أحد المتابعين
حين الحرب على لبنان وبعد الحرب على لبنان كانت لجوليا بطرس مواقف صارمة، تقول : »لا أنتظر أن يكون المرور سلبيا أو إيجابيا
أنا أغامر حتى النهاية".
بعد مجزرة قانا، وكل المجازر التي سبقتها أو تلتها، انطلق غليان في داخل جوليا بطرس، كما كل الشرفاء عبر العالم العربي والعالم لذلك وقفت وسط المتظاهرين الغاضبين في وسط بيروت لتصرخ بمواقفها وردة فعلها من دون أن تتحدث، كما كثير من الفنانين العرب، عن "العموميات الإنسانية«
خلال الحرب على لبنان، »نسيت جوليا بطرس مشاريعها الفنية«، يلاحظ متابع آخر، حتى أنها »لم تعد تهتم بالتسويق لألبومها »تعودنا عليك
حبيبي"، الذي طُرح قبيل أيام من اندلاع الحرب ولم تغادر مع زوجها إلى دبي، حيث يعمل مديراً في إحدى الجامعات، بل نظّمت في بيروت حملة تبرّعات شعبية بالتنسيق مع جمعية الصداقة اللبنانية الإماراتية
أما زملائها اللبنانيون فلبّوا دعوات الشاشات العربية، وأطلقوا نداءات ملحّة لمساعدة شعب لبنان، معتبرين أن ذلك يغنيهم عن الموقف السياسي
عرفت جوليا أن رأيها الصريح ضد سكوت الأنظمة العربية قد يسبّب لها إحراجاً في هذا البلد أو ذاك، ومع ذلك لم تتراجع
هل في ذلك مجازفة؟ ربما هي مجازفة للفنان الذي يفضّل البقاء على الهامش، إلا أن جوليا، ألغت في تلك اللحظة، ما يمكن أن يترتّب على الموقف من نتائج سلبية، واستسلمت لذاكرتها السياسية ووعيها الوطني
تجاهلت الأمور الثانوية، وآثرت مواجهة الأنظمة العربية التي تبيع الفنانين وتشتري حفلاتهم و إنتاجاتهم وقناعاتهم وصورهم وكلامهم«
بعد الموقف، جاء الصوت الفني
فكرة فنية خرجت من رحم خطاب السيد حسن نصر الله
كلام ومواقف
غناء ومواقف وريع يخصص لمساعدة أهالي الضحايا الذين لاحقهم الضرر من العدوان الإسرائيلي على لبنان
لم تبحث جوليا بطرس عن كلمات طارئة، كما كثير من الفنانين الذين داروا مع الحدث دورته فعدلوا في الكلام من النقيض إلى النقيض، استثمارا للحطة وركوبا على الحدث والألم
رصدت جوليا بطرس نبض الشارع وانتبهت لكلام الشيخ نصر الله وهو يملأ الشاشات والمشاعر، لنصير نحو توارد المشاعر والخواطر، فكان أن تغنت المارونية المسيحية بكلام الشيعي المسلم
هنا يكمن الفرق بين فنان وآخر بين من تلبسه القضية وبين من يلبسها طارئا للحظات قبل أن يستقبله رقص الانحدار والتفاهة الفرق هو في القبض على لحظة الانشغال بالموقف أو بتوظيف الحدث ولأنها ليست طارئة على مشاعرها الجميلة فقد عرفت كيف تجمع كلام الشيخ إلى نظم الشاعر، إذ تعاونت مع الشاعر غسان مطر، والملحن زياد بطرس ، والموزع ميشال فاضل، بعد أن استمعت إلى خطاب الشيخ حسن نصر الله، الذي ضمن نهايته رسالة إلى مقاتلي حزب الله، لتحول الكلام إلى قصيدة صار لها عنوان »أحبائي«، والتي انتهت كلاما من المنتظر أن تتلقفه الآذان وتحفظه، تماما كما حفظت »غابت شمس الحق« و»وين الملايين«، وذلك عبر كلمات، تنطلق كما يلي : »أحبائي
استمعت إلى رسالتكم وفيها العز والإيمان
فأنتم مثلما قلتم رجال الله في الميدان ووعد صادق
أنتم نصرنا الآتي وأنتم من جبال الشمس عاتية على العاتي بكم يتحرر الأسرى، بكم تتحرر الأرض، بقبضتكم، بغضبتكم يصان البيت والعرض، بناة حضارة أنتم وأنتم نهضة القيم وأنتم خالدون كما خلود الأرز في القمم، وأنتم مجد أمتنا، وأنتم، أنتم القادة وتاج رؤوسنا، أنتم، وأنتم أنتم السادة أحبائي
أقبل نبل أقدام بها يتشرف الشرف بعزة أرضنا انغرست فلا تكبو وترتجف، بكم سنغير الدنيا ويحني رأسه القدر، بكم نبني الغد الأحلى، بكم نمضي وننتصر"
لكنها لم توظفه لغير مبادئها وتربيتها الدافئة عروبة وإباءا هي مسيحية مارونية من مرجعيون، لكنها شربت العروبة والوطن فتغنت للإنسان وعذاباته آماله وآلامه
كان من الممكن لجوليا بطرس بقدها وجمالها أن تساير واقع وانتظارات الساحة الفنية العربية
كان لديها الخيار لأن تسلك طرقا واختيارات فنية مغايرة، أي أن تكون جوليا بطرس أخرى غير جوليا بطرس التي تعجبنا تفاصيل وجهها حين تنطلق صادحة بأغانيها، تقول : "بقرار مني وتأثير تربيتي عليَّ والمحيط الذي تربيت فيه والمبادئ التي تربيت عليها سلكت الخط الفني الذي عرفت به أنا أعرف أين أنا الآن، بحيث تبدو خطواتي ثابتة بالأرض وقراراتي لاتردد فيها أجعل من الأبيض أبيضا، والأسود أسودا، لأجل أن أتحمل مسؤولية قراراتي"
لكنها قبل ذلك تصمت قليلا، قبل أن تعلن بلهجة لبنانية خفيفة : "شخصيتي نعمة من الله، وأنا عرفت منذ البداية كيف أختار »الصح من الغلط"
تعلن جوليا بطرس عن مواقفها من دون مواربة أو تردد لقد "اشرأبت الخلاعة« في المجال الفني، تلخص جوليا لرأيها بصدد الواقع الفني على صعيد تشجيع التفاهة والدفع بها
وهي لاتتردد في الإشارة إلى مواطن الضعف والأسباب : "الخطأ في الفنانين ووسائل الإعلام وشركات الإنتاج".
تنطلق جوليا بطرس عبر المشهد العربي واصفة ومحللة : »الناس تعودت أن تشاهد وتسمع أخبار الانفجارات والقتلى والجرحى الأخبار والمشاهد صارت مكرورة ومعادة
وقد كنا قبل هذا نعطي للإنسان قيمته ونتعاطف معه ونحمل همه ومآسيه، أما اليوم فقد عودوا المشاهد والمتلقي العربي على مشاهد وأخبار المجازر، حتى صار عاديا أن تفتح التلفزيون لتشاهد مجزرة بمخيم بالضفة والقطاع أو بالعراق، ثم تغير الوجهة في خفة آلة التحكم عن بعد إلى فضائية أخرى لتتابع فيلما أو »تستمتع« بمشاهد أغنية مصورة.
هذا هو الجو العام الذي صار يحكم المتلقي العربي، في الغالب والمفارقة أنك إذا تعودت على مشاهد الدمار والقتل فستتعود على مشاهد العري، أيضا
أي أن تصير كائنا يتابع المتناقضات على صعيد المشاهدة من دون رد فعل وبسلبية غريبة" لجوليا بطرس مواقف لا تحيد عنها ومبادئ تدافع عنها بعزيمة لاتلين هي لاتهادن ولاتختبئ خلف الخوف من أن تفهم مواقفها على خلاف مايبني للواقع الفني فتمنع من هذه الدولة أو تلك أو هذه القناة أو تلك انتصرت للمقاومة ودفعت بمواقفها نحو إحراج من يحاول جرها نحو مواقع أخرى للتساهل والصمت
"أنا مع المواقف إلى أن يعطونا بدائل أخرى«، كما قالت في حوار أخير مع فضائية الجزيرة
تؤكد جوليا بطرس أن لاشيء لديها لتخسره وأن لا حسابات في حياتها
تقول : »أذهب مع رأيي إلى آخر الطريق ولا أتأخر في ردة الفعل"
جرت العادة ألا يتجرّأ فنان عربي على انتقاد الأنظمة العربية
هو "يخشى أن يكتب اسمه على اللائحة السوداء المستبعدة من أي نشاط فنّي يُقام في البلد المقصود
جوليا، أساساً، لا تقيم حفلات كثيرة في البلاد العربية، فضلاً عن أن أغانيها ليست »شعبية« بالمقاييس المتعارف عليها في »سوق« الأغاني العربية
أغانيها المنتشرة في كل شارع عربي، تحمل مستوى فنياً ينطلق من الاستجابة الثقافية للفن لا من الاستجابة »الراقصة« له، وهذا ما يعطي مسيرتها وقعاً مختلفاً، أكثر نظافة وغنى وعمقاً«، كما كتب عنها أحد المتابعين
حين الحرب على لبنان وبعد الحرب على لبنان كانت لجوليا بطرس مواقف صارمة، تقول : »لا أنتظر أن يكون المرور سلبيا أو إيجابيا
أنا أغامر حتى النهاية".
بعد مجزرة قانا، وكل المجازر التي سبقتها أو تلتها، انطلق غليان في داخل جوليا بطرس، كما كل الشرفاء عبر العالم العربي والعالم لذلك وقفت وسط المتظاهرين الغاضبين في وسط بيروت لتصرخ بمواقفها وردة فعلها من دون أن تتحدث، كما كثير من الفنانين العرب، عن "العموميات الإنسانية«
خلال الحرب على لبنان، »نسيت جوليا بطرس مشاريعها الفنية«، يلاحظ متابع آخر، حتى أنها »لم تعد تهتم بالتسويق لألبومها »تعودنا عليك
حبيبي"، الذي طُرح قبيل أيام من اندلاع الحرب ولم تغادر مع زوجها إلى دبي، حيث يعمل مديراً في إحدى الجامعات، بل نظّمت في بيروت حملة تبرّعات شعبية بالتنسيق مع جمعية الصداقة اللبنانية الإماراتية
أما زملائها اللبنانيون فلبّوا دعوات الشاشات العربية، وأطلقوا نداءات ملحّة لمساعدة شعب لبنان، معتبرين أن ذلك يغنيهم عن الموقف السياسي
عرفت جوليا أن رأيها الصريح ضد سكوت الأنظمة العربية قد يسبّب لها إحراجاً في هذا البلد أو ذاك، ومع ذلك لم تتراجع
هل في ذلك مجازفة؟ ربما هي مجازفة للفنان الذي يفضّل البقاء على الهامش، إلا أن جوليا، ألغت في تلك اللحظة، ما يمكن أن يترتّب على الموقف من نتائج سلبية، واستسلمت لذاكرتها السياسية ووعيها الوطني
تجاهلت الأمور الثانوية، وآثرت مواجهة الأنظمة العربية التي تبيع الفنانين وتشتري حفلاتهم و إنتاجاتهم وقناعاتهم وصورهم وكلامهم«
بعد الموقف، جاء الصوت الفني
فكرة فنية خرجت من رحم خطاب السيد حسن نصر الله
كلام ومواقف
غناء ومواقف وريع يخصص لمساعدة أهالي الضحايا الذين لاحقهم الضرر من العدوان الإسرائيلي على لبنان
لم تبحث جوليا بطرس عن كلمات طارئة، كما كثير من الفنانين الذين داروا مع الحدث دورته فعدلوا في الكلام من النقيض إلى النقيض، استثمارا للحطة وركوبا على الحدث والألم
رصدت جوليا بطرس نبض الشارع وانتبهت لكلام الشيخ نصر الله وهو يملأ الشاشات والمشاعر، لنصير نحو توارد المشاعر والخواطر، فكان أن تغنت المارونية المسيحية بكلام الشيعي المسلم
هنا يكمن الفرق بين فنان وآخر بين من تلبسه القضية وبين من يلبسها طارئا للحظات قبل أن يستقبله رقص الانحدار والتفاهة الفرق هو في القبض على لحظة الانشغال بالموقف أو بتوظيف الحدث ولأنها ليست طارئة على مشاعرها الجميلة فقد عرفت كيف تجمع كلام الشيخ إلى نظم الشاعر، إذ تعاونت مع الشاعر غسان مطر، والملحن زياد بطرس ، والموزع ميشال فاضل، بعد أن استمعت إلى خطاب الشيخ حسن نصر الله، الذي ضمن نهايته رسالة إلى مقاتلي حزب الله، لتحول الكلام إلى قصيدة صار لها عنوان »أحبائي«، والتي انتهت كلاما من المنتظر أن تتلقفه الآذان وتحفظه، تماما كما حفظت »غابت شمس الحق« و»وين الملايين«، وذلك عبر كلمات، تنطلق كما يلي : »أحبائي
استمعت إلى رسالتكم وفيها العز والإيمان
فأنتم مثلما قلتم رجال الله في الميدان ووعد صادق
أنتم نصرنا الآتي وأنتم من جبال الشمس عاتية على العاتي بكم يتحرر الأسرى، بكم تتحرر الأرض، بقبضتكم، بغضبتكم يصان البيت والعرض، بناة حضارة أنتم وأنتم نهضة القيم وأنتم خالدون كما خلود الأرز في القمم، وأنتم مجد أمتنا، وأنتم، أنتم القادة وتاج رؤوسنا، أنتم، وأنتم أنتم السادة أحبائي
أقبل نبل أقدام بها يتشرف الشرف بعزة أرضنا انغرست فلا تكبو وترتجف، بكم سنغير الدنيا ويحني رأسه القدر، بكم نبني الغد الأحلى، بكم نمضي وننتصر"
Comment