مسلسل "الجماعة"..جدلٌ يعيد للدراما تأثيرها
06 أيلول 2010 وسيم حيدر -
"الجماعة". يكفي هذا العنوان لاثارة الجدل في مصر بين مؤيّد ومناصر ومعارض ومتحفّظ، وحتى الامس القريب كان هذا في السياسة فقط وربما الدين وشؤونه ولكنه في رمضان الحالي انتقل الى الفنّ ايضا مع مسلسل شكّل بحدّ ذاته الحدث الرمضاني في الدراما المصرية لهذا العام.
وبغضّ النظر هنا عن تبنّي موقف محدّد من العمل الجدلي هذا كقضيّة سياسية، فان المستوى الفنّي الذي قدّم فيه العمل يستحقّ منا كمشاهدين الاشادة والتقدير. فقد اتى "مسلسل "الجماعة" عملا متكاملا في النصّ والاداء والتصوير والاخراج بمستوى متطوّر ضاهى اهم الاعمال وجعله بحقّ علامة فارقة في الدراما المصرية هذا العام .
اما على مستوى الموضوعية التاريخية في سرد احداث نشأة "جماعة الاخوان" ودورها فيما بعد، فان الامر يحتاج الى بحث تاريخي دقيق لسنا بوارد الدخول فيه ولكن اعطي هنا رأيي حول كيفية اظهار المسلسل لشخصية مؤسس الجماعة حسن البنّا والذي ابدع في تأدية دوره الممثل الاردني اياد نصار.
فقد اظهر العمل من خلال النصّ والاداء وعدسة المخرج ان البنّا كان صاحب دعوة فعلا ولكنه في العمق مثله مثل معظم القادة في التاريخ حوى داخله على غرور وشعور بالعظمة جعل ممّن حوله مجرّد تابعين ينفّذون ارادة "المرشد العام" صاحب الصلاحيات المطلقة والهالة شبه المقدسة لدى تابعيه. وابرز مثال على ذلك مشهد تمثيل مقتل "القاضي الخازندار" حيث اعتبر مسؤول الذراع العسكري للجماعة او ما يعرف بـ"التنظيم الخاص" عبارة "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله" بمثابة امر من المرشد لاغتيال القاضي وقال مسؤول التنظيم مبررا الاغتيال "عدوّ الجماعة عدوّ الله". وفي معظم مشاهده اظهر المسلسل حسن البنّا فعلا وكأن همّه وهدفه هو بسط سلطته على كل ما حوله ومن حوله سواء بالكلمة والاقناع او بالحيلة والجاسوسية وصولا الى العنف والقوّة .
من جهة اخرى ظهر "المرشج العام" نفسه متزلّفا وضعيفا عند اصحاب السلطة والقرار ساعيا للوصول الى ما يريده باية طريقة لدرجة انه تباكى امام وزير الدخلية لمنع قرار حل جماعته متعهدا باعتزال السياسة وشؤونها. اما الحلقة الاخيرة فكانت الاقسى في معالجة الشخصية حيث ظهر فيها البنّا مهزوما مكسورا نادما على تأسيسه الجماعة متبرئا من افعالها، ومستسلما ينتظر مصيره المحتوم اما عزله عن منصبه او قتله بايدي ابناء جماعته نفسها كما ردّد في المشهد الاخير من المسلسل.
وكان المسلسل بدأ بعرض الاحداث عام 2006 في فترة المواجهات التي دارت بين "الاخوان" والسلطة في مصر، ليناقش بتركيز تأثير الجماعة على الشباب الجامعي وتحديدا عملية اجتذابهم وضمّهم الى صفوفها والاساليب المتبعة لذلك، واظهرت احداث المسلسل ايضا شخصيات تمثّل قادة الجماعة المعاصرين بصورة قاسية خالية من التعاطف بأي شكل من الاشكال ويستغلّون شباب "الجماعة" وقودا في الصراع مع السلطة. ويعود العمل بنا الى التاريخ بين الثلاثينات والاربعينات فترة نشأة الجماعة وصولا حتى الحلقة الاخيرة من جزئه الاوّل، فيما سيبدأ الجزء الثاني العام المقبل على ما يبدو بمقتل الامام حسن البنّا ومسيرة "الجماعة" بعده.
ومما ذكرناه كله فمن المنطقي ان نسمع ان جماعة "الاخوان" في مصر، قد بدأت تحضيراتها فعلا للردّ على المسلسل وما قدّمه، بمسلسل تقدّمه هي وفق منظورها لنشأة الجماعة ومؤسسها تدافع فيه عن نفسها وعن صورتها امام الناس. ويترافق هذا بحملة واسعة تهاجم مؤلف العمل وحيد حامد شخصيا بقسوة كبيرة، وتتهم العمل ككل بأنه بروباغندا سياسية اشرفت عليها اجهزة الامن المصرية لمواجهة الجماعة قبل الانتخابات.
لقد استطاع مسلسل "الجماعة" فعلا ان يحصد نسبة المشاهدة الاعلى في السباق الرمضاني هذا العام في مصر، ويكفي ان ينال عمل كلّ الجدل هذا لنعرف انه نجح بتفوّق سواء وافقنا على المضمون او رفضناه.
"الجماعة" مسلسل اعاد للأعمال المصرية التاريخية رونقها، واثبت من جديد اهمية الدراما وتأثيرها في المجتمع والسياسة وحتّى في الصراع على السلطة.
"الجماعة". يكفي هذا العنوان لاثارة الجدل في مصر بين مؤيّد ومناصر ومعارض ومتحفّظ، وحتى الامس القريب كان هذا في السياسة فقط وربما الدين وشؤونه ولكنه في رمضان الحالي انتقل الى الفنّ ايضا مع مسلسل شكّل بحدّ ذاته الحدث الرمضاني في الدراما المصرية لهذا العام.
وبغضّ النظر هنا عن تبنّي موقف محدّد من العمل الجدلي هذا كقضيّة سياسية، فان المستوى الفنّي الذي قدّم فيه العمل يستحقّ منا كمشاهدين الاشادة والتقدير. فقد اتى "مسلسل "الجماعة" عملا متكاملا في النصّ والاداء والتصوير والاخراج بمستوى متطوّر ضاهى اهم الاعمال وجعله بحقّ علامة فارقة في الدراما المصرية هذا العام .
اما على مستوى الموضوعية التاريخية في سرد احداث نشأة "جماعة الاخوان" ودورها فيما بعد، فان الامر يحتاج الى بحث تاريخي دقيق لسنا بوارد الدخول فيه ولكن اعطي هنا رأيي حول كيفية اظهار المسلسل لشخصية مؤسس الجماعة حسن البنّا والذي ابدع في تأدية دوره الممثل الاردني اياد نصار.
فقد اظهر العمل من خلال النصّ والاداء وعدسة المخرج ان البنّا كان صاحب دعوة فعلا ولكنه في العمق مثله مثل معظم القادة في التاريخ حوى داخله على غرور وشعور بالعظمة جعل ممّن حوله مجرّد تابعين ينفّذون ارادة "المرشد العام" صاحب الصلاحيات المطلقة والهالة شبه المقدسة لدى تابعيه. وابرز مثال على ذلك مشهد تمثيل مقتل "القاضي الخازندار" حيث اعتبر مسؤول الذراع العسكري للجماعة او ما يعرف بـ"التنظيم الخاص" عبارة "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله" بمثابة امر من المرشد لاغتيال القاضي وقال مسؤول التنظيم مبررا الاغتيال "عدوّ الجماعة عدوّ الله". وفي معظم مشاهده اظهر المسلسل حسن البنّا فعلا وكأن همّه وهدفه هو بسط سلطته على كل ما حوله ومن حوله سواء بالكلمة والاقناع او بالحيلة والجاسوسية وصولا الى العنف والقوّة .
من جهة اخرى ظهر "المرشج العام" نفسه متزلّفا وضعيفا عند اصحاب السلطة والقرار ساعيا للوصول الى ما يريده باية طريقة لدرجة انه تباكى امام وزير الدخلية لمنع قرار حل جماعته متعهدا باعتزال السياسة وشؤونها. اما الحلقة الاخيرة فكانت الاقسى في معالجة الشخصية حيث ظهر فيها البنّا مهزوما مكسورا نادما على تأسيسه الجماعة متبرئا من افعالها، ومستسلما ينتظر مصيره المحتوم اما عزله عن منصبه او قتله بايدي ابناء جماعته نفسها كما ردّد في المشهد الاخير من المسلسل.
وكان المسلسل بدأ بعرض الاحداث عام 2006 في فترة المواجهات التي دارت بين "الاخوان" والسلطة في مصر، ليناقش بتركيز تأثير الجماعة على الشباب الجامعي وتحديدا عملية اجتذابهم وضمّهم الى صفوفها والاساليب المتبعة لذلك، واظهرت احداث المسلسل ايضا شخصيات تمثّل قادة الجماعة المعاصرين بصورة قاسية خالية من التعاطف بأي شكل من الاشكال ويستغلّون شباب "الجماعة" وقودا في الصراع مع السلطة. ويعود العمل بنا الى التاريخ بين الثلاثينات والاربعينات فترة نشأة الجماعة وصولا حتى الحلقة الاخيرة من جزئه الاوّل، فيما سيبدأ الجزء الثاني العام المقبل على ما يبدو بمقتل الامام حسن البنّا ومسيرة "الجماعة" بعده.
ومما ذكرناه كله فمن المنطقي ان نسمع ان جماعة "الاخوان" في مصر، قد بدأت تحضيراتها فعلا للردّ على المسلسل وما قدّمه، بمسلسل تقدّمه هي وفق منظورها لنشأة الجماعة ومؤسسها تدافع فيه عن نفسها وعن صورتها امام الناس. ويترافق هذا بحملة واسعة تهاجم مؤلف العمل وحيد حامد شخصيا بقسوة كبيرة، وتتهم العمل ككل بأنه بروباغندا سياسية اشرفت عليها اجهزة الامن المصرية لمواجهة الجماعة قبل الانتخابات.
لقد استطاع مسلسل "الجماعة" فعلا ان يحصد نسبة المشاهدة الاعلى في السباق الرمضاني هذا العام في مصر، ويكفي ان ينال عمل كلّ الجدل هذا لنعرف انه نجح بتفوّق سواء وافقنا على المضمون او رفضناه.
"الجماعة" مسلسل اعاد للأعمال المصرية التاريخية رونقها، واثبت من جديد اهمية الدراما وتأثيرها في المجتمع والسياسة وحتّى في الصراع على السلطة.
Comment