الساعات الأخيرة قبل تحديد مصير قاتل سوزان تميم
"جريدة القبس" - قبل ساعات من تقرير مصير هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري، المتهمين بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، خص فريد الديب «القبس» بمذكرته التي قدمها إلى محكمة النقض طالبا نقض الحكم باعدام موكله هشام، وشرح لنا أهم ما فيها مبدياً ثقة كبيرة في تحولات جذرية في هذه القضية.
اتجهت الأنظار في الرابع من شباط إلى محكمة النقض وتعلقت قلوب أسرتي ضابط أمن الدولة السابق محسن منير السكري، ورجل الأعمال الشهير، القيادي بالحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر، هشام طلعت مصطفى، بالأمل في قبول المحكمة الطعن بالنقض المقدم منهما لإلغاء الحكم القاضي بإعدامهما، والصادر من محكمة جنايات جنوب القاهرة، لاتهامهما بقتل، والتحريض على قتل، المطربة اللبنانية سوزان تميم، في إحدى البنايات بإمارة دبي بدولة الإمارات العربية.
ووسط إجراءات أمنية مشددة، حول مبنى المحكمة في وسط القاهرة وداخله، ناقشت المحكمة المحامي فريد الديب، دفاع المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى في مذكرة الطعن بالنقض المقدمة منه لإلغاء الحكم بإعدام موكله، والتي ضمنها 41 سبباً قانونياً. وخص فريد الديب «القبس» دون غيرها من جميع الصحف العربية بمذكرته التي قدمها للمحكمة، وشرح لنا أهم ما فيها مبدياً ثقة كبيرة في تحولات جذرية في هذه القضية.
وقبل ساعات من تقرير مصير المتهمين ننتقي أهم الأسباب (من وجهة نظرنا) التي وردت في مذكرة الديب، قبل نطق محكمة النقض بالحكم النهائي بقبول الطعن من عدمه في الرابع من اذار.
أكد فريد الديب في مذكرته أن هذا الحكم يستوجب الطعن فيما قضي به ضد الطاعن جنائياً ومدنياً، وأورد أسباب الطعن بنقض الحكم كالتالي:
عدم اختصاص المحكمة
وهو بطلان الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً بمحاكمة الطاعن، لأن الأصل في القانون المصري هو الأخذ بمبدأ إقليمية قانون العقوبات، أي تطبيقه على كل جريمة ترتكب في الإقليم (مصر)، وهذا المبدأ هو أساس القواعد التي تحدد السلطان المكاني للنصوص الجنائية، طبقاً للمادة الأولى من قانون العقوبات، بالإضافة إلى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون التي تؤكد سريان القانون الجنائي على «كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري».
وأكد الدفاع أنه لا مجال لتطبيق هذا النص على هشام طلعت مصطفى، لأنه إذا ارتكبت الجريمة خارج الإقليم المصري فهي لا تدخل في هذا النص، ولو كان المتهم قد ارتكب في مصر «فعلاً» صار به فاعلاً لها أو شريكاً فيها، وليس في ذلك ما يعني الخروج على مبدأ الإقليمية، مادام قد تحقق في ذلك الإقليم الركن المادي للجريمة كله أو جزء منه. ووجود الجاني في مصر أو عدم وجوده فيها لا شأن له بمبدأ الإقليمية، مادامت الجريمة ارتكبت في الإقليم المصري. والمقصود بارتكاب الجريمة كلها أو بعضها في مصر لا ينصرف إلا إلى الأجزاء من الجريمة الداخلة في الركن المادي المكونة لها، دون النظر إلى الأعمال التحضيرية التي ترتكب في مصر لجريمة وقعت في الخارج. ولا يعد مكاناً للجريمة أيضاً مكان الأفعال التي تلي وقوع الجريمة، مثل إخفاء أدلة الجريمة، فمكان الجريمة يتحدد وقت تمامها لا في وقت لاحق على ذلك.
القانون لا يطبق
وأضاف الديب في مذكرته: بناء على ما تقدم، فإن القانون المصري لا يطبق إذا كان كل ما وقع في مصر هو من قبيل الأعمال التحضيرية للجريمة، أو أفعال الاشتراك بينما الجريمة نفذت في الخارج، ولذلك تنص المادة الثانية «أولاً» على حالة من يشترك في جريمة وقعت في مصر، ولا تنص على الحالة العكسية، وهي حالة من يشترك في جريمة وقعت في مصر في جريمة نفذت كلها في الخارج، وأن مفاد هذه الأحكام أن الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون العقوبات لا تشمل حالة من يشترك وهو داخل القطر في جريمة تقع خارجه، لأن شرط العقاب أن تكون الجريمة الأصلية وقعت داخل القطر، فالاشتراك في جريمة تقع خارجه لا يعاقب عليه في مصر.
واوضح أنه لا يجوز للنيابة العامة في مصر أن ترفع الدعوى الجنائية عن جريمة وقعت من مصري في دولة الإمارات، أو تتخذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام فيها إلا بعد توجيه طلب الاتهام وطلب المحاكمة من دولة الإمارات التي وقعت فيها الجريمة عملاً بالمادة 41 من الاتفاقية المعقودة بين البلدين (مصر والإمارات)، وأن يتم الطلب بالشكل والإجراءات التي تنص عليها الاتفاقية، وإلا كان ما تتخذه النيابة العامة في مصر باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لاتخاذها، ولا يصححها الطلب اللاحق.
فإذا ما حركت النيابة العامة الدعوى الجنائية قبل إتمام الإجراء الذي تطلبه القانون في هذا الشأن، وقع ذلك الإجراء باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية، ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة، ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وتبطل إجراءات التحقيق كافة، ويجوز إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.
انعدام صلاحية القاضي
وأوضح أن إجراءات المحاكمة باطلة بطلاناً استتبع بطلان الحكم المطعون فيه، بل انعدامه، لعدم صلاحية القاضي رئيس المحكمة التي نظرت الدعوى وحكمت فيها.
وأشار إلى أن القانون ينص على عدم صلاحية القاضي لنظر القضية لعدة أسباب منها إذا لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية، ومنها الحالة الرابعة، وهي حالة ما إذا كان للقاضي مصلحة في الدعوى القائمة.
وأوضح الديب أنه في ضوء ما هو ثابت في محاضر جلسات المحكمة، والمستندات التي قدمناها لمحكمة الجنايات بجلسة 15/3/2009، والمستندات الأخرى الموجودة في حافظتنا المرفقة بمذكرة أسباب الطعن الماثلة، فإن القاضي محمدي قنصوه رئيس محكمة جنايات جنوب القاهرة التي نظرت الدعوى، وأصدرت الحكم المطعون فيه قد توافرت في حقه حالة من حالات عدم الصلاحية لوجود مصلحة له في الدعوى تتمثل في حرصه على إدانة المتهمين لتربيح أحد المدعين بالحق المدني، وهو وائل بهجت ذكري.
وأضاف: ان القاضي محمدي قنصوه رئيس المحكمة التي نظرت دعوانا علم منذ أول جلسة اسم «ذكري» وهو اسم عائلة خصم من خصوم المتهمين هو المدعي بالحق المدني وائل بهجت ذكري، فأدرك القاضي منذ ذلك أن المدعي المذكور ينتمي إلى عائلة مالكة المنزل الذي يستأجره ويقيم فيه بمدينة بنها، لكنه تكتم الأمر، وأخفاه عن الجميع حتى على عضوي الدائرة، ومضى في نظر الدعوى وتحقيقها، وسماع مرافعات النيابة، والمدعين بالحقوق المدنية محتفياً طوال تلك المرحلة بالرجل وبكلامه الغث. إلى أن كانت جلسة 11/3/2009 التي قدمنا فيها للمحكمة صورة من شهادة ميلاد المدعي المدني المذكور لإثبات كذب كل ما قاله، ثم عرجنا إلى تبيان عنوان مكتب المدعي المذكور، وعنوان محل إقامته في مدينة بنها، فأسقط في يد القاضي محمدي قنصوه، وأيقن أن ما كان قد تكتمه وأخفاه ستراً للشبهة العالقة به قد افتضح، فاضطر إلى البوح بالصلة، والإفصاح عنها بصورة لا تزيل تلك الشبهة بل ربما تؤكدها، حيث قال في بيانه الذي تم إثباته في الصفحة 496 من محاضر جلسات المحكمة انه اكتشف من الاطّلاع على شهادة ميلاد المدعي بالحق المدني وائل بهجت ذكري اسم عائلته التي تنتمي إليها مالكة المنزل الذي يقطن فيه بمدينة بنها.
فهل كان اسم عائلته الذي تم إثباته في أول جلسة في صفحة 4 من محاضر جلسات المحاكمة والمدون على جميع المذكرات والحوافظ التي قدمها المذكور للمحكمة، خافياً أو مطموساً، فلم يتنبه القاضي وفوجئ به مسطوراً في شهادة الميلاد؟
وأضاف الديب: لا مراء في أن هذه الصلة الوطيدة التي لا تخطئها الأعين ولا تغفل عنها العقول، تشي بوجود مصلحة أدبية للقاضي محمدي قنصوه في أن يحكم في الدعوى بإدانة المتهمين (ومنهما الطاعن) كي ينفتح الباب إلى تربيح المدعي المدني وائل بهجت ذكري دعواه المدنية ضد هذين المتهمين نزولاً على الاعتبارات التي تفرضها صلة القاضي بالمدعي المدني المذكور، وهي اعتبارات تضعف لها النفس في الأعم الأغلب.
وخلاصة كل ما تقدم أن إجراءات محاكمة الطاعن وقعت باطلة، وجاء الحكم المطعون فيه باطلاً بدوره بطلاناً من النظام العام، انحدر بها كلها إلى درجة الانعدام، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
عدم فهم الواقع
وأشار الديب الى وجود مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله، وعدم فهم الواقع في الدعوى، والقصور والإخلال بحق الطاعن في الدفاع ببطلان القبض على المتهم الأول محسن منير السكري، وبطلان استجوابه، وأنه لم يرتكب فعل القتل وهو غير ذي صفة في إبدائها حتى إن كان يستفيد منها، ومن ثم لا تقبل منه. إلا أنه قد تبنى المحامي الحاضر مع المتهم الأول هذه الدفوع وتمسك بها فإنه يكون كمن أبداها بنفسه، وتلزم المحكمة بأن تقول كلمتها في كل منها باعتبار أن دفاع المتهم الأول هو الذي تمسك بها.
وقال دفاع هشام في مذكرة الطعن بالنقض: وهذا الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ومشوب بالخطأ في تطبيقه وتأويله، فضلاً عن أنه يعكس عدم فهم المحكمة للواقع في الدعوى، بما جر الحكم إلى القصور والإخلال بحق الطاعن في الدفاع، ذلك أن الفقه مجمع على أن الشريك يستمد إجرامه من جريمة الفاعل الأصلي، إذ الشريك ليس شريكاً مع الفاعل الأصلي، وإنما هو شريك في الجريمة التي ينسب ارتكابها الى الفاعل الأصلي.
فإذا ثبت أن الجريمة لم تقع من الفاعل الأصلي فلا اشتراك، ويتعين تبرئة المنسوب إليه الاشتراك في الجريمة، فضلاً عن أنه يشترط لمؤاخذة الشريك أن تكون جريمة الفاعل الأصلي ثمرة لوسيلة أو وسائل الاشتراك المنسوبة للشريك.
وأضاف: قبل أن نسأل الشريك عن إسهامه في جريمة ارتكبها المتهم (الفاعل الأصلي) يتعين علينا أن نتحقق من أن هناك إرادتين متطابقتين معاً على نحو جدي على ارتكاب الجريمة التي وقعت.
وقد تمسك دفاع هشام طلعت مصطفى بأن المتهم الأول المنسوب إليه الاشتراك معه في جريمة قتل المجني عليها لم يكن جاداً في ارتكابه تلك الجريمة، وساق على ذلك العديد من الأدلة التي تكفي للقطع بأنه لم يرتكب هذا الفعل المؤثم المنسوب الى الطاعن الاشتراك فيه.
ولا شك أن للطاعن صفة مباشرة ومصلحة مشروعة قائمة في نفي عناصر الاتفاق المزعوم والمساهمة المدعى بها من جانب سلطة الاتهام المسندة الى الطاعن، باعتبار أنه ينسب إليه الاشتراك في جريمة لم يرتكبها الفاعل الأصلي.
بطلان جميع التحقيقات
دفع محامي الطاعن (هشام طلعت مصطفى) ببطلان جميع التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في مصر، وبعدم قبول الدعوى الجنائية تأسيساً على أنه لم يصدر طلب يستوفي الشرائط القانونية من دولة الامارات العربية المتحدة، التي وقعت الجريمة على أرضها، قبل بدء التحقيقات في مصر وقبل توجيه الاتهام إلى المتهمين.
وأضاف فريد الديب ان الحكم مضطرب تمام الاضطراب في فهم حقيقة نص الاتفاقية، ومتأرجح غاية التأرجح ما بين تطبيق هذا النص من نصوص الاتفاقية وبين استبعاد تطبيقه، مما يدل على عدم فهم المحكمة للواقع المطروح في الدعوى، واستقرار هذا الواقع في وجدانها الاستقرار الذي يجعله في حكم الوقائع الثابتة، وهو ما يقطع بتناقض الحكم مع نفسه تناقضاً يستعصي على المواءمة، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
"جريدة القبس" - قبل ساعات من تقرير مصير هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري، المتهمين بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، خص فريد الديب «القبس» بمذكرته التي قدمها إلى محكمة النقض طالبا نقض الحكم باعدام موكله هشام، وشرح لنا أهم ما فيها مبدياً ثقة كبيرة في تحولات جذرية في هذه القضية.
اتجهت الأنظار في الرابع من شباط إلى محكمة النقض وتعلقت قلوب أسرتي ضابط أمن الدولة السابق محسن منير السكري، ورجل الأعمال الشهير، القيادي بالحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر، هشام طلعت مصطفى، بالأمل في قبول المحكمة الطعن بالنقض المقدم منهما لإلغاء الحكم القاضي بإعدامهما، والصادر من محكمة جنايات جنوب القاهرة، لاتهامهما بقتل، والتحريض على قتل، المطربة اللبنانية سوزان تميم، في إحدى البنايات بإمارة دبي بدولة الإمارات العربية.
ووسط إجراءات أمنية مشددة، حول مبنى المحكمة في وسط القاهرة وداخله، ناقشت المحكمة المحامي فريد الديب، دفاع المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى في مذكرة الطعن بالنقض المقدمة منه لإلغاء الحكم بإعدام موكله، والتي ضمنها 41 سبباً قانونياً. وخص فريد الديب «القبس» دون غيرها من جميع الصحف العربية بمذكرته التي قدمها للمحكمة، وشرح لنا أهم ما فيها مبدياً ثقة كبيرة في تحولات جذرية في هذه القضية.
وقبل ساعات من تقرير مصير المتهمين ننتقي أهم الأسباب (من وجهة نظرنا) التي وردت في مذكرة الديب، قبل نطق محكمة النقض بالحكم النهائي بقبول الطعن من عدمه في الرابع من اذار.
أكد فريد الديب في مذكرته أن هذا الحكم يستوجب الطعن فيما قضي به ضد الطاعن جنائياً ومدنياً، وأورد أسباب الطعن بنقض الحكم كالتالي:
عدم اختصاص المحكمة
وهو بطلان الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً بمحاكمة الطاعن، لأن الأصل في القانون المصري هو الأخذ بمبدأ إقليمية قانون العقوبات، أي تطبيقه على كل جريمة ترتكب في الإقليم (مصر)، وهذا المبدأ هو أساس القواعد التي تحدد السلطان المكاني للنصوص الجنائية، طبقاً للمادة الأولى من قانون العقوبات، بالإضافة إلى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون التي تؤكد سريان القانون الجنائي على «كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري».
وأكد الدفاع أنه لا مجال لتطبيق هذا النص على هشام طلعت مصطفى، لأنه إذا ارتكبت الجريمة خارج الإقليم المصري فهي لا تدخل في هذا النص، ولو كان المتهم قد ارتكب في مصر «فعلاً» صار به فاعلاً لها أو شريكاً فيها، وليس في ذلك ما يعني الخروج على مبدأ الإقليمية، مادام قد تحقق في ذلك الإقليم الركن المادي للجريمة كله أو جزء منه. ووجود الجاني في مصر أو عدم وجوده فيها لا شأن له بمبدأ الإقليمية، مادامت الجريمة ارتكبت في الإقليم المصري. والمقصود بارتكاب الجريمة كلها أو بعضها في مصر لا ينصرف إلا إلى الأجزاء من الجريمة الداخلة في الركن المادي المكونة لها، دون النظر إلى الأعمال التحضيرية التي ترتكب في مصر لجريمة وقعت في الخارج. ولا يعد مكاناً للجريمة أيضاً مكان الأفعال التي تلي وقوع الجريمة، مثل إخفاء أدلة الجريمة، فمكان الجريمة يتحدد وقت تمامها لا في وقت لاحق على ذلك.
القانون لا يطبق
وأضاف الديب في مذكرته: بناء على ما تقدم، فإن القانون المصري لا يطبق إذا كان كل ما وقع في مصر هو من قبيل الأعمال التحضيرية للجريمة، أو أفعال الاشتراك بينما الجريمة نفذت في الخارج، ولذلك تنص المادة الثانية «أولاً» على حالة من يشترك في جريمة وقعت في مصر، ولا تنص على الحالة العكسية، وهي حالة من يشترك في جريمة وقعت في مصر في جريمة نفذت كلها في الخارج، وأن مفاد هذه الأحكام أن الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون العقوبات لا تشمل حالة من يشترك وهو داخل القطر في جريمة تقع خارجه، لأن شرط العقاب أن تكون الجريمة الأصلية وقعت داخل القطر، فالاشتراك في جريمة تقع خارجه لا يعاقب عليه في مصر.
واوضح أنه لا يجوز للنيابة العامة في مصر أن ترفع الدعوى الجنائية عن جريمة وقعت من مصري في دولة الإمارات، أو تتخذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام فيها إلا بعد توجيه طلب الاتهام وطلب المحاكمة من دولة الإمارات التي وقعت فيها الجريمة عملاً بالمادة 41 من الاتفاقية المعقودة بين البلدين (مصر والإمارات)، وأن يتم الطلب بالشكل والإجراءات التي تنص عليها الاتفاقية، وإلا كان ما تتخذه النيابة العامة في مصر باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لاتخاذها، ولا يصححها الطلب اللاحق.
فإذا ما حركت النيابة العامة الدعوى الجنائية قبل إتمام الإجراء الذي تطلبه القانون في هذا الشأن، وقع ذلك الإجراء باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية، ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة، ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وتبطل إجراءات التحقيق كافة، ويجوز إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.
انعدام صلاحية القاضي
وأوضح أن إجراءات المحاكمة باطلة بطلاناً استتبع بطلان الحكم المطعون فيه، بل انعدامه، لعدم صلاحية القاضي رئيس المحكمة التي نظرت الدعوى وحكمت فيها.
وأشار إلى أن القانون ينص على عدم صلاحية القاضي لنظر القضية لعدة أسباب منها إذا لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية، ومنها الحالة الرابعة، وهي حالة ما إذا كان للقاضي مصلحة في الدعوى القائمة.
وأوضح الديب أنه في ضوء ما هو ثابت في محاضر جلسات المحكمة، والمستندات التي قدمناها لمحكمة الجنايات بجلسة 15/3/2009، والمستندات الأخرى الموجودة في حافظتنا المرفقة بمذكرة أسباب الطعن الماثلة، فإن القاضي محمدي قنصوه رئيس محكمة جنايات جنوب القاهرة التي نظرت الدعوى، وأصدرت الحكم المطعون فيه قد توافرت في حقه حالة من حالات عدم الصلاحية لوجود مصلحة له في الدعوى تتمثل في حرصه على إدانة المتهمين لتربيح أحد المدعين بالحق المدني، وهو وائل بهجت ذكري.
وأضاف: ان القاضي محمدي قنصوه رئيس المحكمة التي نظرت دعوانا علم منذ أول جلسة اسم «ذكري» وهو اسم عائلة خصم من خصوم المتهمين هو المدعي بالحق المدني وائل بهجت ذكري، فأدرك القاضي منذ ذلك أن المدعي المذكور ينتمي إلى عائلة مالكة المنزل الذي يستأجره ويقيم فيه بمدينة بنها، لكنه تكتم الأمر، وأخفاه عن الجميع حتى على عضوي الدائرة، ومضى في نظر الدعوى وتحقيقها، وسماع مرافعات النيابة، والمدعين بالحقوق المدنية محتفياً طوال تلك المرحلة بالرجل وبكلامه الغث. إلى أن كانت جلسة 11/3/2009 التي قدمنا فيها للمحكمة صورة من شهادة ميلاد المدعي المدني المذكور لإثبات كذب كل ما قاله، ثم عرجنا إلى تبيان عنوان مكتب المدعي المذكور، وعنوان محل إقامته في مدينة بنها، فأسقط في يد القاضي محمدي قنصوه، وأيقن أن ما كان قد تكتمه وأخفاه ستراً للشبهة العالقة به قد افتضح، فاضطر إلى البوح بالصلة، والإفصاح عنها بصورة لا تزيل تلك الشبهة بل ربما تؤكدها، حيث قال في بيانه الذي تم إثباته في الصفحة 496 من محاضر جلسات المحكمة انه اكتشف من الاطّلاع على شهادة ميلاد المدعي بالحق المدني وائل بهجت ذكري اسم عائلته التي تنتمي إليها مالكة المنزل الذي يقطن فيه بمدينة بنها.
فهل كان اسم عائلته الذي تم إثباته في أول جلسة في صفحة 4 من محاضر جلسات المحاكمة والمدون على جميع المذكرات والحوافظ التي قدمها المذكور للمحكمة، خافياً أو مطموساً، فلم يتنبه القاضي وفوجئ به مسطوراً في شهادة الميلاد؟
وأضاف الديب: لا مراء في أن هذه الصلة الوطيدة التي لا تخطئها الأعين ولا تغفل عنها العقول، تشي بوجود مصلحة أدبية للقاضي محمدي قنصوه في أن يحكم في الدعوى بإدانة المتهمين (ومنهما الطاعن) كي ينفتح الباب إلى تربيح المدعي المدني وائل بهجت ذكري دعواه المدنية ضد هذين المتهمين نزولاً على الاعتبارات التي تفرضها صلة القاضي بالمدعي المدني المذكور، وهي اعتبارات تضعف لها النفس في الأعم الأغلب.
وخلاصة كل ما تقدم أن إجراءات محاكمة الطاعن وقعت باطلة، وجاء الحكم المطعون فيه باطلاً بدوره بطلاناً من النظام العام، انحدر بها كلها إلى درجة الانعدام، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
عدم فهم الواقع
وأشار الديب الى وجود مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله، وعدم فهم الواقع في الدعوى، والقصور والإخلال بحق الطاعن في الدفاع ببطلان القبض على المتهم الأول محسن منير السكري، وبطلان استجوابه، وأنه لم يرتكب فعل القتل وهو غير ذي صفة في إبدائها حتى إن كان يستفيد منها، ومن ثم لا تقبل منه. إلا أنه قد تبنى المحامي الحاضر مع المتهم الأول هذه الدفوع وتمسك بها فإنه يكون كمن أبداها بنفسه، وتلزم المحكمة بأن تقول كلمتها في كل منها باعتبار أن دفاع المتهم الأول هو الذي تمسك بها.
وقال دفاع هشام في مذكرة الطعن بالنقض: وهذا الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ومشوب بالخطأ في تطبيقه وتأويله، فضلاً عن أنه يعكس عدم فهم المحكمة للواقع في الدعوى، بما جر الحكم إلى القصور والإخلال بحق الطاعن في الدفاع، ذلك أن الفقه مجمع على أن الشريك يستمد إجرامه من جريمة الفاعل الأصلي، إذ الشريك ليس شريكاً مع الفاعل الأصلي، وإنما هو شريك في الجريمة التي ينسب ارتكابها الى الفاعل الأصلي.
فإذا ثبت أن الجريمة لم تقع من الفاعل الأصلي فلا اشتراك، ويتعين تبرئة المنسوب إليه الاشتراك في الجريمة، فضلاً عن أنه يشترط لمؤاخذة الشريك أن تكون جريمة الفاعل الأصلي ثمرة لوسيلة أو وسائل الاشتراك المنسوبة للشريك.
وأضاف: قبل أن نسأل الشريك عن إسهامه في جريمة ارتكبها المتهم (الفاعل الأصلي) يتعين علينا أن نتحقق من أن هناك إرادتين متطابقتين معاً على نحو جدي على ارتكاب الجريمة التي وقعت.
وقد تمسك دفاع هشام طلعت مصطفى بأن المتهم الأول المنسوب إليه الاشتراك معه في جريمة قتل المجني عليها لم يكن جاداً في ارتكابه تلك الجريمة، وساق على ذلك العديد من الأدلة التي تكفي للقطع بأنه لم يرتكب هذا الفعل المؤثم المنسوب الى الطاعن الاشتراك فيه.
ولا شك أن للطاعن صفة مباشرة ومصلحة مشروعة قائمة في نفي عناصر الاتفاق المزعوم والمساهمة المدعى بها من جانب سلطة الاتهام المسندة الى الطاعن، باعتبار أنه ينسب إليه الاشتراك في جريمة لم يرتكبها الفاعل الأصلي.
بطلان جميع التحقيقات
دفع محامي الطاعن (هشام طلعت مصطفى) ببطلان جميع التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في مصر، وبعدم قبول الدعوى الجنائية تأسيساً على أنه لم يصدر طلب يستوفي الشرائط القانونية من دولة الامارات العربية المتحدة، التي وقعت الجريمة على أرضها، قبل بدء التحقيقات في مصر وقبل توجيه الاتهام إلى المتهمين.
وأضاف فريد الديب ان الحكم مضطرب تمام الاضطراب في فهم حقيقة نص الاتفاقية، ومتأرجح غاية التأرجح ما بين تطبيق هذا النص من نصوص الاتفاقية وبين استبعاد تطبيقه، مما يدل على عدم فهم المحكمة للواقع المطروح في الدعوى، واستقرار هذا الواقع في وجدانها الاستقرار الذي يجعله في حكم الوقائع الثابتة، وهو ما يقطع بتناقض الحكم مع نفسه تناقضاً يستعصي على المواءمة، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
Comment