المال العربي يقف وراء أهم الأعمال الدرامية السورية
تغيرت كل المعادلات التي كانت سائدة في المشهد الدرامي العربي، حيث قلبت الفضائيات العربية الكبرى كل الطاولات وأعادت ترتيب هذا المشهد كما تريد وتشتهي.
ألغت المنتج الدرامي التقليدي وأحالته على التقاعد المبكر وأنعشت دور المنتج المنفذ الذي يحقق مصالحها بأيسر الأسباب وأقل التكاليف.
لم تكن مهمة النهوض بالدراما التلفزيونية السورية منذ عقدين من الزمان بالمهمة السهلة لولا وقوف محطات عربية إلى جانب الذين قرروا القيام بهذه المهمة وقد أمدتهم بأسباب النجاح، لقد دعم المال العربي أهم وأشهر الأعمال الدرامية السورية وكان سنداً حقيقياً لأعمال أخرى حتى وضعت قاطرة هذه الدراما على السكة الصحيحة ولعل مسلسلي (هجرة القلوب إلى القلوب) و(خان الحرير) خير دليل على ذلك، ولكن هذه المحطات وبعد أن اكتسبت خبرة واسعة وعرفت القيمة الحقيقية للدراما التلفزيونية مادياً ومعنوياً قررت أن تلعب أدواراً أخرى فدور الممول الذي ينظر إلى (اللعبة) من بعيد لم يعد يرضيها فأمسكت بكل الخيوط وتسيّدت المشهد فقد ولى زمن المنتج الذي يملي شروطه على المحطات وبدأ عهد جديد هي بطله الوحيد وأغلب المنتجين ارتضوا بأن يلعبوا دور (السنيد) وهناك من وقف في صفوف الكومبارس ومن لم يجد له مكاناً في هذه الصفوف ولم يجد حرجاً من أن يلعب دور (اللبيس)، لقد تغير كل شيء و(الرزق يُحب الخفية).
لقد كان المنتج في الزمن الجميل يقوم بانجاز عمله من أمواله ويقوم بعد ذلك بتسويق عمله للمحطات واليوم يطلب المنتج إذن المحطات قبل الإقدام على أي عمل مهما بلغت أهميته أو تقوم هذه المحطات بتكليف هذا المنتج تنفيذ أعمال يقترحها هو أو هي تقدمها له.
ومن يدقق في الأعمال السورية التي أنتجت لتعرض في رمضان القادم يكتشف أن 90% منها وربما أكثر هو إنتاج عربي خالص أو أن المال العربي شريك أساسي فيه فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن العمل التاريخي (القعقاع بن عمرو التميمي) هو إنتاج تلفزيون قطر وقامت شركة سورية الدولية بتنفيذه في خطوة تقدم عليها هذه الشركة الأهم في خارطة شركات الإنتاج السورية لأول مرة.
والعمل التاريخي الآخر (كليوبترا) هو إنتاج مصري خالص وكذلك مسلسل (أنا القدس) أما مسلسل (ذاكرة الجسد) فهو من إنتاج تلفزيون أبو ظبي والمسلسل السوري (أبواب الغيم) هو من إنتاج تلفزيون دبي وقامت شركة (صورة) السورية التي يديرها المخرج حاتم علي بتنفيذ الإنتاج وقد دخلت قناة (ساهور) السودانية على المشهد الانتاجي الدرامي السوري وقامت شركات سورية بإنجاز العمل التاريخي (رايات الحق) لمصلحتها كما أصبحت قناة (روتانا خليجية) لاعباً أساسياً في لعبة الانتاج الدرامي السوري ربما لأسباب تتعلق بمنافسة المحطات الأخرى أبرزها محطة الـ(MBC) المنتجة لمسلسل (باب الحارة) وقد ساندت عملين سيعرضان على شاشتها في رمضان القادم هما (صبايا 2) و(أبو جانتي.. ملك التاكسي).
كما تقوم شركة (الرحبة) للمخرج هيثم حقي ومنذ سنوات بالإشراف على أعمال درامية تنتجها محطة الأوربت وفي موسم 2010 اكتفت بالعمل التاريخي (أبو خليل القباني) الذي ستعرضه على محطتها المشفرة.
كما تبنت محطة دبي عملين سوريين آخرين من إنتاج شركة (عاج) السورية وهما (أسعد الوراق) و(ورا الشمس) وهناك مسلسل (ما بعد السقوط) وتقف وراءه شركة إنتاج كويتية وليدة.
ولكن هذا لا يعني أن المال السوري لم يكن حاضراً في موسم 2010 فقد قامت شركة (قبنض) بإنتاج مسلسل (لعنة الطين) كما قام المخرج نجدة أنزور بإنتاج مسلسل (ماملكت أيمانكم) الذي سيعرض على قناة (المستقبل) اللبنانية ويبدو أن هناك محطات عربية اتخذت قرار التروي في عرض هذا العمل لترى ردة فعل المشاهدين ازاءه لأنه يتناول قضايا حساسة للغاية كما قامت شركة (سورية) الدولية بإنتاج الجزء الثاني من مسلسل (أهل الراية) والجزء السابع من مسلسل (بقعة ضوء) ومسلسل اجتماعي عنوانه (الصندوق الأسود) كما قام التلفزيون السوري بانتاج عدة أعمال وهي (البقعة السوداء) و(زلزال) و(أقاصيص المسافر) و(وادي السايح) و(هروب).
لم يكن المال العربي ليقبل على الاستثمار في الدراما السورية لولا المصداقية والخبرة التي بات يتمتع بها الدارميون السوريون ولولا التسهيلات الكبيرة التي يحصل عليها المنتج العربي في سورية حيث تدعم الجهات الرسمية كل الجهود الرامية إلى تطوير الثقافة الدرامية في سورية ولكن لكل شيء وجهين فالمراقبون يخشون على هذه الدراما وخاصة لجهة حرف خطابها الفكري والمعرفي المتميز لغايات ليست هدفاً للدراميين السوريين وفي ذلك خطورة كبيرة وقد بدأت بوادر تمييع وتسطيح هذه الدراما بالظهور، فالغاية ليست في أن نكسب صناعة ونخسر مقابل ذلك خطاباً، ويبدو أن تحقيق التوازن بين هذا وذاك ليس بالأمر السهل وهنا يبرز الأمل بمؤسسة (الدراما) التي قامت منذ بعض الوقت ومن المتوقع أن تقتحم المشهد الدرامي في موسم 2011 وخاصة أنها تتمتع بميزانية جيدة تستطيع من خلالها المنافسة كماً ونوعاً.
نحن بأمس الحاجة للمال العربي ولا نريد أن نخسره بل نريده أن يزداد حضوراً في السنوات القادمة ففي ذلك منفعة كبيرة ولكن من حق المتابعين أن يبدوا خشية من تمدده من قدرة وخاصة أن هناك من يرى أن الكلمة الأخيرة في الدراما السورية قد أصبحت في الوقت الراهن للمحطات العربية وفي ذلك خطورة كبيرة.
المصدر: محمد أمين - الوطن السورية
تغيرت كل المعادلات التي كانت سائدة في المشهد الدرامي العربي، حيث قلبت الفضائيات العربية الكبرى كل الطاولات وأعادت ترتيب هذا المشهد كما تريد وتشتهي.
ألغت المنتج الدرامي التقليدي وأحالته على التقاعد المبكر وأنعشت دور المنتج المنفذ الذي يحقق مصالحها بأيسر الأسباب وأقل التكاليف.
لم تكن مهمة النهوض بالدراما التلفزيونية السورية منذ عقدين من الزمان بالمهمة السهلة لولا وقوف محطات عربية إلى جانب الذين قرروا القيام بهذه المهمة وقد أمدتهم بأسباب النجاح، لقد دعم المال العربي أهم وأشهر الأعمال الدرامية السورية وكان سنداً حقيقياً لأعمال أخرى حتى وضعت قاطرة هذه الدراما على السكة الصحيحة ولعل مسلسلي (هجرة القلوب إلى القلوب) و(خان الحرير) خير دليل على ذلك، ولكن هذه المحطات وبعد أن اكتسبت خبرة واسعة وعرفت القيمة الحقيقية للدراما التلفزيونية مادياً ومعنوياً قررت أن تلعب أدواراً أخرى فدور الممول الذي ينظر إلى (اللعبة) من بعيد لم يعد يرضيها فأمسكت بكل الخيوط وتسيّدت المشهد فقد ولى زمن المنتج الذي يملي شروطه على المحطات وبدأ عهد جديد هي بطله الوحيد وأغلب المنتجين ارتضوا بأن يلعبوا دور (السنيد) وهناك من وقف في صفوف الكومبارس ومن لم يجد له مكاناً في هذه الصفوف ولم يجد حرجاً من أن يلعب دور (اللبيس)، لقد تغير كل شيء و(الرزق يُحب الخفية).
لقد كان المنتج في الزمن الجميل يقوم بانجاز عمله من أمواله ويقوم بعد ذلك بتسويق عمله للمحطات واليوم يطلب المنتج إذن المحطات قبل الإقدام على أي عمل مهما بلغت أهميته أو تقوم هذه المحطات بتكليف هذا المنتج تنفيذ أعمال يقترحها هو أو هي تقدمها له.
ومن يدقق في الأعمال السورية التي أنتجت لتعرض في رمضان القادم يكتشف أن 90% منها وربما أكثر هو إنتاج عربي خالص أو أن المال العربي شريك أساسي فيه فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن العمل التاريخي (القعقاع بن عمرو التميمي) هو إنتاج تلفزيون قطر وقامت شركة سورية الدولية بتنفيذه في خطوة تقدم عليها هذه الشركة الأهم في خارطة شركات الإنتاج السورية لأول مرة.
والعمل التاريخي الآخر (كليوبترا) هو إنتاج مصري خالص وكذلك مسلسل (أنا القدس) أما مسلسل (ذاكرة الجسد) فهو من إنتاج تلفزيون أبو ظبي والمسلسل السوري (أبواب الغيم) هو من إنتاج تلفزيون دبي وقامت شركة (صورة) السورية التي يديرها المخرج حاتم علي بتنفيذ الإنتاج وقد دخلت قناة (ساهور) السودانية على المشهد الانتاجي الدرامي السوري وقامت شركات سورية بإنجاز العمل التاريخي (رايات الحق) لمصلحتها كما أصبحت قناة (روتانا خليجية) لاعباً أساسياً في لعبة الانتاج الدرامي السوري ربما لأسباب تتعلق بمنافسة المحطات الأخرى أبرزها محطة الـ(MBC) المنتجة لمسلسل (باب الحارة) وقد ساندت عملين سيعرضان على شاشتها في رمضان القادم هما (صبايا 2) و(أبو جانتي.. ملك التاكسي).
كما تقوم شركة (الرحبة) للمخرج هيثم حقي ومنذ سنوات بالإشراف على أعمال درامية تنتجها محطة الأوربت وفي موسم 2010 اكتفت بالعمل التاريخي (أبو خليل القباني) الذي ستعرضه على محطتها المشفرة.
كما تبنت محطة دبي عملين سوريين آخرين من إنتاج شركة (عاج) السورية وهما (أسعد الوراق) و(ورا الشمس) وهناك مسلسل (ما بعد السقوط) وتقف وراءه شركة إنتاج كويتية وليدة.
ولكن هذا لا يعني أن المال السوري لم يكن حاضراً في موسم 2010 فقد قامت شركة (قبنض) بإنتاج مسلسل (لعنة الطين) كما قام المخرج نجدة أنزور بإنتاج مسلسل (ماملكت أيمانكم) الذي سيعرض على قناة (المستقبل) اللبنانية ويبدو أن هناك محطات عربية اتخذت قرار التروي في عرض هذا العمل لترى ردة فعل المشاهدين ازاءه لأنه يتناول قضايا حساسة للغاية كما قامت شركة (سورية) الدولية بإنتاج الجزء الثاني من مسلسل (أهل الراية) والجزء السابع من مسلسل (بقعة ضوء) ومسلسل اجتماعي عنوانه (الصندوق الأسود) كما قام التلفزيون السوري بانتاج عدة أعمال وهي (البقعة السوداء) و(زلزال) و(أقاصيص المسافر) و(وادي السايح) و(هروب).
لم يكن المال العربي ليقبل على الاستثمار في الدراما السورية لولا المصداقية والخبرة التي بات يتمتع بها الدارميون السوريون ولولا التسهيلات الكبيرة التي يحصل عليها المنتج العربي في سورية حيث تدعم الجهات الرسمية كل الجهود الرامية إلى تطوير الثقافة الدرامية في سورية ولكن لكل شيء وجهين فالمراقبون يخشون على هذه الدراما وخاصة لجهة حرف خطابها الفكري والمعرفي المتميز لغايات ليست هدفاً للدراميين السوريين وفي ذلك خطورة كبيرة وقد بدأت بوادر تمييع وتسطيح هذه الدراما بالظهور، فالغاية ليست في أن نكسب صناعة ونخسر مقابل ذلك خطاباً، ويبدو أن تحقيق التوازن بين هذا وذاك ليس بالأمر السهل وهنا يبرز الأمل بمؤسسة (الدراما) التي قامت منذ بعض الوقت ومن المتوقع أن تقتحم المشهد الدرامي في موسم 2011 وخاصة أنها تتمتع بميزانية جيدة تستطيع من خلالها المنافسة كماً ونوعاً.
نحن بأمس الحاجة للمال العربي ولا نريد أن نخسره بل نريده أن يزداد حضوراً في السنوات القادمة ففي ذلك منفعة كبيرة ولكن من حق المتابعين أن يبدوا خشية من تمدده من قدرة وخاصة أن هناك من يرى أن الكلمة الأخيرة في الدراما السورية قد أصبحت في الوقت الراهن للمحطات العربية وفي ذلك خطورة كبيرة.
المصدر: محمد أمين - الوطن السورية