للكنائس الانطاكية والبورجوازية المسيحية الدمشقية
خلال عام الى عامين من المفترض ان يكون التمثال الضخم للسيد المسيح، والذي سيكون الاكبر في الشرق الاوسط، قد ارتفع على المنصة الكبيرة التي اعدت له في اعلى قمة جبل "الشيروبيم" حيث الدير – المركز الذي تشرف عليه بطريركية الروم الارثوذكس.
التمثال الذي سيبلغ طوله 31 متراً سينظر نحو الجنوب، باتجاه مدينة القدس وسيشرف من على منصته ليس فقط على مدى عشرات الكيلومترات على السهل الجنوبي لمدينة دمشق بل على اجزاء واسعة من المناطق الممتدة على طريق دمشق – حمص ومن ورائها بادية الشام المجاورة.
هنا في منطقة "جبال القلمون" السورية الممتدة وراء سلسلة جبال لبنان الشرقية، تتوسع بل تنشأ منذ سنوات ظاهرة اجتماعية دينية. ففي السهل المسمى "معرة صيدنايا" القريب من القرية الجبلية القديمة "صيدنايا" حيث الدير التاريخي ومزاره البعيد بضعة كيلومترات، تنتشر فيلات ومنازل ريفية للموسرين من عائلات دمشق المسيحية. الانتشار الذي استوجب قبل بضع سنوات انشاء فندق لـ"الشيراتون" في المنطقة والآن تنشأ فنادق جديدة مع التوسّع العمراني – السياحي – الديني.
على التلال المحيطة بالسهل، وبينها تلال كانت فارغة من اي عمران، سوى بعض الكنائس المغرقة في قدمها، وبينها مواقع وعرة كان يقصدها رهبان مسيحيون في العصور القديمة، تمتد مراكز للعديد من الكنائس الانطاكية اضافة الى التواجد التاريخي لبطريركية الروم الارثوذكس في المنطقة. فإلى مركز الروم الكاثوليك على التلال الجنوبية المحيطة بالسهل تواصل بطريركية السريان الارثوذكس بناء مجمع مركزها المتعدد الابنية والقائم على مساحة مئات الدونمات. هنا اصبح المركز الرئيسي (العالمي) لكل طائفة السريان الارثوذكس التي كان امتدادها الاساس موجوداً في منطقة الجزيرة السورية كما في العراق وخصوصاً شماله وجنوب تركيا. انها قصة طويلة من الهجرة، احياناً القسرية من العراق الى سوريا كما حصل في السنوات الاخيرة، (او كما حصل في بعض مراحل الثلث الاول من القرن العشرين في تركيا والثلث الثاني في العراق) واحياناً بحكم التمركز الحاصل حول العاصمة السورية دمشق.
ساكنو المنطقة يقولون ان عدداً من الكنائس الاخرى والارساليات اشترى أراضي واسعة لاقامة مراكز وأنشطة عليها بينها اليسوعيون وطائفة اللاتين.
لا تخطئ العين في رؤية خط ازدهار اجتماعي اكيد في هذا المكان الذي تحوله اموال الكنائس والموسرين الافراد من عائلات دمشق المسيحية اشبه بمنتجع، مع شوارعه الواسعة المشجرة وحدائق منازله الجميلة حيثما التفت الزائر. حتى ان المنطقة اصبحت سكناً ضاحية من ضواحي دمشق... التي تشهد كل انواع الظواهر:
ضواح سكنية الى الشمال كـ"معرة صيدنايا" وضواح أخرى للموسرين كما للطبقة الوسطى نحو الغرب في الطريق الى بيروت بين يعفور وقرى الاسد او ضواحي بناء عشوائي عند مداخل المدينة الجنوبية والشمالية وبعض الغربية، تحوّلت بدورها الى مشكلة مهمة ومعقدة.
"دمشق الكبرى"... في حيويتها... بدءاً من حاراتها القديمة التي يكاد لا يشاهد في بعض احيائها "السياحية" اي المعاد ترميمها، سوى الساهرين من الشباب والشابات الدمشقيين كما من السواح، اوروبيين وأميركيين، كما يمكن ان يمر في اي لحظة "ابو صياح" مرتدياً لباسه الذي نعرفه...
جهاد الزين